النضال السياسي في الجزائر إبان الإحتلال الفرنسي

النضال السياسي في الجزائر إبان الإحتلال الفرنسي



جاءت ردود الفعل الأولية على الاحتلال على شكل عرائض احتجاجية من طرف أعيان الجزائر ومنهم إبراهيم بن مصطفى باشا، سعيد بن العنابي، وأحمد بوضربة، حمدان بن عثمان خوجة ...ومنها : 
  • عريضة إلى الجنرال بيرتزين ( 1831 ) تطالب باحترام الاتفاق الموقع بين الداي حسين وديبورمون.
  • رسالة شخصية من حمدان خوجة إلى ملك فرنسا لويس فليب في 10 جويلية 1833 من خلال لجنة المغاربة وهو حزب سياسي أسسه حمدان خوجة مباشرة بعد توقيع وثيقة  الداي حسين وديبورمون يذكره بمواد الاتفاق ومطالبا بجلاء الجيش الفرنسي. 
  • عريضة من أعيان قسنطينة إلى البرلمان الانجليزي يوضح فيها المخالفات والامتدادات الفرنسية وهدم المساجد ومصادرة أراضي الجزائريين.
  • مقاطعة المؤسسات الاستعمارية التي تسعى إلى القضاء على مقومات الشخصية الوطنية الجزائرية.
  • الهجرة إلى أوروبا أو العالم الإسلامي هروبا من السياسة القمعية للاستعمار.  
الاتجاهات السياسية والإصلاحية : 

الأوضاع الداخلية للشعب الجزائري نتيجة السياسات الاستعمارية و الهجرة نحو العالم الإسلامي أدت إلى قيام حركة ثقافية فكرية انبثقت عنها تكتلات سياسية.

لجنة المغاربة :

هي أول حزب سياسي نظمه الجزائريون بزعامة حمدان خوجة.  شُكلت لجنة المغاربة بعد 05 جويلية 1830 و هو حزب يضم الأعيان والبرجوازيين.  كان أول حركة سياسية منظمة ضد فرنسا و قدم عدة مطالب وعرائض أرسلها للسلطات الفرنسية.

كتلة المحافظين :

 شكلت بعد بداية القرن 20 م تضم المثقفين الجزائريين المتخرجين من المدارس القرآنية وجامعات المشرق العربي ممن يؤمنون بالقومية الإسلامية ومنهم عبد القادر المجاري (1848 - 1914) وحمدان الونيسي وعمر بن قدور وسعيد بن زكري المولود بن الموهوب (1866 - 1914) و من مطالبهم : 
  • المساواة في التمثيل النيابي بين الجزائريين والمستوطنين.
  • المساواة في الضرائب.
  • الدعوة إلى الجامعة الإسلامية.
  • معارضة التجنيس والتجنيد الإجباري.
  • إلغاء قانون الأهالي وكل الإجرءات التعسفية الأخرى.
  • استرجاع العمل بنظام القضاء الإسلامي.
  • احترام العادات والتقاليد الجزائرية.
  • نشر وإصلاح وسائل التعليم بالعربية.
  • حرية الهجرة. 
جماعة النخبة الليبرالية المجددة :

تشكلت في بداية القرن 20 م وتتكون من الجزائريين الذين جمعوا بين الثقافة العربية والفرنسية كالمترجمين والمحامين والأطباء... وبعض التجار والعمال الزراعيين.  تسعى إلى الإدماج والذوبان في المجتمع الفرنسي.  من بين رموزها ابن التهامي (1880 - 1940) وفرحات عباس (1898 - 1985) د/ صالح سعدان، ابن جلول.

من مطالبها:
  • التجنس (الإدماج)، الحقوق السياسية وحق الانتخاب والتمثيل النيابي في جميع المجالس مثل الفرنسيين.
  • قبولها التجنيد الإجباري.
تأسيس النوادي والجمعيات الثقافية :

الجمعية الراشدية (1849) :
تأسست بالجزائر العاصمة. كان لها فروع في كل أنحاء الجزائر ومنها فرع الجزائر العاصمة الي كان يضم 251 عضوا سنة 1900م.

الجمعية التوفيقية (1908) :
أسسها بالجزائر العاصمة د. ابن التهامي ثم أعادت النخبة تنظيمها سنة 1911م.  كان لها حوالي 200 عضو و من نشاطاتها إلقاء المحاضرات التاريخية والثقافية والسياسية والدينية.

نادي صالح باي (1908) :
أسسه بقسنطينة بعض المثقفين الجزائريين.  كان يضم 1700 عضو سنة 1908م، وله فروع كثيرة في مدن الجزائر و من نشاطاته نشر التعليم وتنظيم الدروس في التعليم العام والمهني وإلقاء المحاضرات العلمية والأدبية وبعث الصناعة التقليدية.

نادي الترقي (1927) :
أسَّسَهُ سنة 1927م  بالجزائر العاصمة نُخبةٌ من العلماء المصلحين كعبد الحميد بن باديس، محمد البشير الإبراهيمي و الطيب العقبي لنشر التعليم العربي الحر و إلقاء المحاضرات العلمية والدروس الدينية والاجتماعية.

  كانت النوادي والجمعيات تحصن الشباب الجزائري من رياح التغريب وتربطه بهويته وتاريخه تجنبا للطمس والتشويه الذي كان يستهدفه.

من جذور الجزائر التاريخية : الدّولة الزيانية 633-962 هـ / 1235-1554 م

الدّولة الزيانية


أصل بني عبد الواد 

تنسب الدّولة الزيانية إلى بني عبد الواد، و هم فرع من فروع الطبّقة الثّانية من زناتة احدى أكبر وأشهر القبائل البربرية ببلاد المغرب، و أصل تسميتهم عائد إلى جدّهم عابد الوادي، وهم من ولد سجيح بن واسين بن يصليتن بن مسرى بن زكيا بن ورسيج بن مادغيس الأبتر، وكانوا عدّة بطون هي: بنو ياتكتن، بنو وللو، بنو تومرت، بنو ورسطف و بنو مصوجة، ويضاف إليهم بنو القاسم الذين ينتسب إليهم بنو زيان حكام الدّولة الزيانية.

وذكرت بعض المصادر أن القاسم بن محمد من نسل السّليمانيين، كان حاكما على مدينة تلمسان من قبل الأدارسة، ولما تغلب عليه الفاطميون دخل بني عبد الواد الذين كانوا يسكنون بالصحراء جنوب تلمسان، فأصهر فيهم وعقّب"عقبا مباركًا"، وإليه ينتسب ملوك بني زيان، وقد فنّد عبد الرّحمن بن خلدون هذه الرواية وكذلك قضية النّسب الشّريف للزيانيين، وذكر أنّ يغمراسن بن زيان لما سئل عن ذلك أجاب قائلا:" إذا كان هذا صحيحا فينفعنا عند الله وأمّا الدنيا فإنّما نلناها بسيوفنا". 

استقرارهم بتلمسان

كان بنو عبد الواد عبارة عن قبائل رحل يجوبون صحراء المغرب الأوسط بحثا عن المراعي بين سجلماسة ومنطقة الزاب (شرق الجزائر)، ولما قام عقبة بن نافع الفهري بحركته في بلاد المغرب فاتحًا، ساندوه وشكلوا فرقة من جيشه تابعت معه فتوحاته غربًا.

ولما حلّ عرب بني هلال بالمغرب انزاح بنو عبد الواد أمامهم من الزّاب واستقروا في منطقة جنوب وهران، وفي عهد المرابطين حضروا مع يوسف بن تاشفين معركة الزلاقة. 

ودخل بنو عبد الواد في طاعة الموحدين عند قيام دولتهم، وساندوا عبد المؤمن بن علي الكومي (جزائري من ندرومة) عندما استنجد بهم لرد أموال و غنائم سلبها منه بنو مرين، وظلوا يجوبون نواحي تلمسان في بعض تنقلاتهم حتّى مطلع القرن 7 ھ/13م، حيث صاروا يرتادون التل أكثر من الصحراء لِما وجدوا فيه من خصوبة الأراضي، و توفّر المراعي المخضرّة و المياه، فبدؤوا ينتقلون من طور البداوة والترحال والرّعي إلى طور الاستقرار و الزراعة في عهد الدّولة الموحدية، خاصة بعدما أقطعهم الموحدون عامّة بلاد بني يلومي وبني وامانو، و قويت عصبيتهم وسيطروا على القبائل المجاورة لهم، و استغلوا فرصة اضطراب الدّولة الموحدية أواخر عهدها وسعوا للسّيطرة على تلمسان، فبسطوا نفوذهم على أحوازها واقتطعوا أراضيها لأنفسهم، وكان قائدهم هو جابر بن يوسف بن محمد.

توليهم الحكم

في سنة 627ھ/ 1229م، قام والي تلمسان أبو سعيد عثمان أخ المأمون الموحدي بالقبض على مشايخ بني عبد الواد في محاولة منه للقضاء على نفوذهم الّذي ازداد في المنطقة، فسعى للشّفاعة فيهم أحد رجال الحامية وهو إبراهيم بن إسماعيل بن علان الصنهاجي اللّمتوني، لكن شفاعته لم تقبل، فغضب لذلك و ثار واعتقل والي تلمسان وأطلق مشايخ بني عبد الواد و خلع طاعة الموحدين، وكان الغرض من حركته نصرة ثورة بني غانية الّتي كانت تهدف إلى إحياء دولة المرابطين في بلاد المغرب.

ولما أراد إبراهيم بن علان الصنهاجي إتمام مخططه، والتخلّص من مشيخة بني عبد الواد، اكتشف أمره فقبض عليه و على أعوانه و قُيّدوا، ودخل جابر بن يوسف وإخوته مدينة تلمسان وأعاد الدّعوة للمأمون الموحدي، و أصبح أميرها من قبله، فضبط أمورها، و قام بحركة لضمّ بطون بني عبد الواد إلى سلطته، و لما أراد إخضاع مدينة ندرومة وحاصرها أصابه سهم أودى بحياته آواخر سنة 629 ھ/1231م.

بعد وفـاة جـابر بن يـوسف، خلـفه ابنه الحـسن الّذي تولـى لمدّة سـتّة أشـهر، ثمّ تخـلى عن الحكم لعمه عثمان بـن يوسـف مطلع سنة 630 ھ/1232م، وخـلفه أبو عـزة زيـدان بن زيـان، وكان قـويّا وشجـاعًا، وأطـاعته جمـيع البطون والـقبائل وامتـنع عن مبايعـته بنو مطـهر وبنو راشد، فحاربهم وقتل في إحدى المعـارك سنة 633 ھ/1235م، فخلفه يغمراسن بن زيان الذي يعتبر المؤسّس الحقيـقي للـدولة الزيانية.

دور يغمراسن بن زيان في تأسيس الدّولة

هـو يغمرا سـن بن زيـان بن ثـابت بن محـمد، ولـد حـوالي 603 ھ/1206م، و تـولى حكـم إقـليم تلـمسان فـي عهـد الخليـفة الموحـدي عـبد الواحـد الـرّشيد بن المـأمون الـذي كتـب لـه بالـعهد علـى ولايـة المغـرب الأوسـط و عاصمته تلمسان، و كان ذلك بداية ملكه.

وكان يغمراسن بن زيان يتميّز بصفات وخصال أهلته للقيام بدور كبير في وضع الأسس المتينة لدولة بني عبد الواد النّاشئة، وتميّز بمواقفه الحربية الكثيرة، خاصّة ضدّ قبائل بني توجين ومغراوة، حيث خرّب مواطنهم في محاولة منه لإخضاعهم وضمّهم إلى سلطته، كما كانت له مع بني مرين بالمغرب الأقصى عدّة حروب وكذلك مع بني حفص شرقا، ورغم هزائمه أمامهم كان يدافع عن مملكته محاولا حمايتها من الأخطار الّتي كانت تتهددها شرقا وغربًا، وبدأ في توسيع حدودها على حساب أقاليم الدّولة الموحدية الّتي كانت تتداعى إلى السقوط، ثمّ قام بإلغاء سلطة الموحدين على تلمسان واستقلّ بها مع إبقائه على الدعاء و الخطبة للخليفة الموحدي وذكر اسمه في السّكة، ونازعه بنو مطهر وبنو راشد لكنّه هزمهم، و أقام الدّولة على قواعد متينة، فاتخذ الوزراء والكتاب والقضاة ، واستمر عهده حتّى سنة 681ھ/1282م ما مكّنه من توطيد ملكه وتأسيس نظم دولة جديدة بالمغرب الأوسط.

حدود الدّولة الزيانية

شغلت الدّولة الزيانية إقليم المغرب الأوسط (اقليم دولة الجزائر حاليا)، و عمل حكامها بدءًا بجدّهم يغمراسن بن زيان على توسيع حدودها و تثبيت قواعدها و ضم القبائل إلى سلطتهم. وتمكن يغمراسن من التوسع غربًا، و صار الحد الفاصل بينه و بين دولة بني مرين بالمغرب الأقصى وادي ملوية، كما امتدّ نفوذه إلى مدينة وجدة وتاوريرت وإقليم فجيج في الجنوب الغربي.

وتوسع في الداخل وأخضع مازونة وتنس والونشريس والمدية ومواطن مغراوة وتوجين، وسهل المتيجة حتّى أطراف مدينة بجاية، أمّا جنوبًا فامتدت دولته حتّى تخوم الصحراء.

وفي عهد أبي حمو موسى الأوّل وابنه أبي تاشفين عبد الرّحمن الأوّل، توغلت جيوش بني عبد الواد في الأراضي الحفصية شرقا وبلغت بجاية وقسنطينة وعنابة وحاصرتها، بل وصلت مدينة تونس عاصمة بني حفص نفسها في عهد أبي تاشفين، لكنّها تراجعت إلى حدود بجاية، وكان ذلك أقصى اتساع للدولة من جهة الشرق.

و مجمل القول أن حدود الدّولة الزيانية كانت تمتد من تخوم بجاية و بلاد الزاب شرقا إلى وادي ملوية غربًا، و من ساحل البحر شمالاً إلى إقليم توات جنوبًا، و بقيت هذه الحدود في مد وجزر بسبب هجمات بني مرين غربًا و بني حفص شرقًا و كانت العاصمة مدينة تلمسان.


شخصيات من تاريخ الجزائر : صالح رايس




من بين الفرقاطات التي هي في الخدمة ضمن القوات البحرية الجزائرية فرقاطة صالح رايس و التي تحمل رقم 802. فمن هو صالح رايس؟

تقول بعض المصادر التاريخية أن أصل صالح رايس من الإسكندرية، إندمج مع البحارة الأتراك حين قدومهم إلى مصر ثم رافق الأخوين بربروس في رحلاته البحرية فتعلم فنون الحرب والبحرية في سن مبكرة. عُيِّنَ على رأس الأسطول البحري العثماني قبل توليه منصب بايلرباي إفريقيا، فساهم في انقاد بقايا المسلمين في الاندلس من المذابح الصليبية ثم تولى بدوره منصب حاكم الجزائر في عام 1552 فحرر بجاية سنة 1555م من الإسبان وقضى على التمردات في المغرب الأقصى وفتح فاس في عام 1554م. 

أسندت الدولة العثمانية بيلربيكية الجزائر إلى صالح رايس في صفر 960هـ/يناير 1552م، بدلاً من حسن بن خير الدين بربروس فبعث السلطان العثماني مرسومه إلى العلماء والفقهاء وسائر رعايا الجزائر يُعلمهم فيه بتقليد صالح رايس مقاليد الولاية وقد جاء في ذلك المرسوم "... هذا مرسومنا .. أرسلناه إلى العلماء والفضلاء والفقهاء والأئمة والخطباء وجميع العلماء والقواد و النقباء وسائر رعايانا بولاية الجزائر الغربية، زيد توفيقهم يتضمن إعلامهم أن صدقاتنا الشريفة العالية الخاقانية وعوارضنا السنية السامية السلطانية قد انعمت على مملوك حضرتنا العالية ومعتمد دولتنا القانية أمير الأمراء الكرام... صالح باشا دام إقبالا ، بولاية الجزائر لفرط شهامته وشجاعته وكمال قوته وصلابته وحسن سيرته وصفاء سريرته فوضنا إليه تلك الأرض وأمرناه بإحياء السنن والفروض والرعايا الذين هم ودائع الله تعالى وحفظ الثغور وسد خارق الأمور، لتكون رعايا أهل الإسلام ثمة في أيام دولتنا العادلة في أكمل الراحة، وأجمل الاستراحة آمنين مطمئنين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فليكونوا مع أمير الأمراء المشار إليه على أحسن حال وأكمل اتفاق مراد حضرتنا قيام قاموس الشرع القويم والصراط المستقيم و إحيائه مراسم الإسلام وطريقة سيد الأنام وحفظ العباد وصون البلاد وقمع الكفرة الفجرة بكل ناد وتقبلوا ذلك وتعتمدونه والله تعالى هو الموفق بمنه ويمنه والعلامة الشريف حجة بمضمونه".
حُرِّر في أوائل محرم سنة تسع وخمسين وتسعمائة الموافق ليناير 1552م.

سمع صالح رايس بتحركات "علي بن محمد الوطاسي" (سلطان المغرب الوطاسي و الذي كان استنجد بالبرتغال)، فتوجه نحو مضيق جبل طارق فاستولى على بواخره وأسر علي بن محمد الوطاسي في شهر جويلية من عام 1553م وحينما وقع أسيرا في يد صالح رايس حرضه على التوسع في بلاد المغرب و هذا ما أثار رغبة رايس في ضم المغرب إلى الجزائر تحت الراية العثمانية، فقرر في أواخر سنة 1553 م إرسال السير نحو المغرب على رأس 11 ألف جندي، و في طريقه ضم حامية تلمسان لجيشه، وعندما وصل إلى منطقة تازة واجهته فرق الشريف وسدت طريقه إلى فاس، لكن صالح رايس عسكر بقواته إلى ان اجبر جيش الشريف على الانسحاب نحو فاس التي وصلها بعد تسعة أيام في شهر جانفي 1554 م ودارت بها معركة بين جيش رايس وجيش محمد المهدي، حيث دامت مدة يومين، إنسحب على إثرهما محمد المهدي، ودخل رايس صالح المدينة ومكث بها اربعة أشهر، واعلن خلالها عليا بن محمد الوطاسي ملكا مكافأة له على المجهودات التي قدمها لصالح رايس والتي ساهمت في دخوله المدينة.

اكتشاف نهر عظيم بصحراء الجزائر

 اكتشاف نهر عظيم بصحراء الجزائر

كشف فريق يتكون من باحثين ألمان و بريطانيين عن و جود نهر عملاق كان يخترق القطر الجزائري طولا من منبعه في جبال الهقار إلى سلسلة الأطلس الصحراوي و هو الآن مطمور تحت رمال الصحراء و الطبقات الأرضية الرسوبية.

و تقول تقديرات هذا الفريق بأن هذا النهر (نهر إغرغار) كان يجري من حوالي 100 ألف سنة و ربما يكون قد شكل في الماضي البعيد رواق هجرة اتبعه الإنسان القديم ليهاجر من وسط إفريقيا نحو المناطق الأكثر خصوبة حول البحر المتوسط.

و نهر إغرغار هذا هو واحد من ثلاثة أنهر عملاقة كانت تجري في صحاري شمال إفريقيا، فقد كشف فريق البحث المذكور عن نهرين آخرين هما نهر الصحابي ونهر الكفرة (نسبة لمنطقتي الصحابي و الكفرة الليبيتين) الذَيْن يخترقان الصحراء الليبية و جزءا من الصحراء المصرية.

للإشارة فإن هذه الدراسة نُشِرت في سبتمبر 2013 و تمت مراجعتها في أواخر أكتوبر من نفس السنة.

تقديم كتاب 'تقييدات ابن المفتي في تاريخ باشوات الجزائر و علمائها'

تقديم كتاب تقييدات ابن المفتي في تاريخ باشوات الجزائر و علمائها


أضواء على المؤرخ الجزائري ابن المفتي و تقييداته


لهذا الكتاب الذي نقدمه للقراء و الباحثين في تاريخ الجزائر أهمية بالغة باعتباره أحد المصادر النادرة للعهد العثماني، ولكنه رغم هذه الأهمية و رغم إستفادة عدد من الباحثين منه منذ أمد طويل إلا أنه ظل مبعثرا بين ثنايا الكتب و المجلات ولم يُجمع في سِفْر واحد و يُنشر بنصه العربي كاملا  -حسب علمنا  -حتى اليوم.

و كان اول من استفاد من إحدى النسخ المخطوطة من الكتاب و نشر مقتبسات منها بالفرنسية هو الباحث الفرنسي ألبير دوفو  Albert Devoulx - -الذي ترجم قسما منه هو - قسم العلماء -  و نشره في المجلة الإفريقية -  Revue Africaine -  ضمن بحثه الذي يحمل عنوان "البنايات الدينية القديمة في مدينة الجزائر" و الذي طبع فيما بعد في كتاب مستقل ولكن دوفو لم ينشر النص العربي للكتاب، كما أنه لم ينشر إلا قسما من الكتاب و هو قسم العلماء، و حتى هذا القسم لم يسلم من الحذف و الإختزال.

و بعد مضي أكثر من نصف قرن على عمل  دوفو قام باحث فرنسي آخر هو جورج دلفان  George Delphin بترجمة القسم الآخر من الكتاب؛ قسم الباشوات إضافة إلى خطبة الكتاب التي تعرضت هي الأخرى إلى الإختزال.

و بعد استقلال الجزائر حصل الأستاذ الجزائري نور الدين عبد القادر على نسخة مخطوطة من الكتاب، و لكنه للأسف الشديد عوض أن يقدمها كما هي كاملة فإنه اكتفى بنشر قسم منها و هو قسم العلماء و حتى هذا القسم عمد إلى اختصاره  و التصرف فيه كما صرح هو بذلك.

و هكذا ظل هذا السَفْر النفيس عبارة عن مقتبسات مبعثرة لم يجمعا جامع و هذا هو الدافع الرئيسي لاهتمامي به.

أولا - أقسام الكتاب



ينقسم هذا الكتاب إلى ثلاثة أقسام هي: خطبة الكتاب أو المقدمة ثم قسم الباشوات ثم قسم العلماء، و قد أكد ذلك نور الدين عبد القادر حين قال: "إن أهم ما في تقييدات ابن المفتي هي الأخبار التي أوردها بعد ذكر أسماء حكام مدينة الجزائر مع بعض التفاصيل، الأخبار التي تتعلق بطبقة المثقفين و أهل العلم و المعرفة، و هذا هو القسم الطريف من هذا التأليف الصغير اللطيف".

و قال مرة أخرى في مقال له لم نجد إسم المجلة المنشور بها : "يعرض المؤلف أولا تاريخ أسرته...، ثم يقدم قائمة بتسلسل تاريخي لحكام الإيالة مع معلومات موجزة من 1515م إلى 1753م... و الجزء الأحدث عهدا و المفيد حقّا من المخطوط هو ذلك المتعلق بالعلماء وهو يأتي مباشرة بعد قائمة حكام الإيالة".

ومن الطبيعي أن يلجأ ابن المفتي إلى هذا التقسيم باعتباره كان شائعا بين كُتَّاب عصره، فقد وجدنا المؤلف التونسي حسين خوجة المتوفي سنة 1145ه/1732م قد قسم كتابه المسمى "ذيل بشائر أهل الإيمان في فتوحات آل عثمان" نفس التقسيم و بنفس الترتيب : مقدمة ثم قسم الباشوات ثم قسم العلماء.


و بالنسبة للأقسام المنشورة من الكتاب فهي:

أ  -خطبة الكتاب أو المقدمة:

  وقد نشر مقتطفات منها دوفو و دلفان في ترجمته لقسم الباشاوات في المجلة الآسيوية، كما نشر نور الدين عبد القادر قسما من هذه الخطبة.

ب  -قسم الباشوات :

 و هو القسم اذي قام بترجمته دلفان و ينقصه نص متعلق ب(علي باشا) قام بنشره على حدة نور الدين عبد القادر في مقالته بالفرنسية التي ذكرناها سابقا و هي بعنوان : "واقعة من تاريخ الجزائر القديمة: قصة جيرونيمو"، كما نقل دوفو من هذا القسم فقرة بالعربية و هي: "تولى خِضر باشا مرة ثالثة سنة 1113ه ثم مات خِضر باشا المذكور مخنوقا في تلك السنة على يد كوسة مصطفى خْدِيم الباب العالي".

ج - قسم العلماء :

 و هو القسم الذي ترجم منه دوفو الذي نشر أيضا نصّا منه في المجلة الإفريقية في مقال له بعنوان : "رفع القبائل لأحد الباشوات" المنشور في المجلة الإفريقية (1869) و نشر هذا القسم مع بعض الحذف و الإختصار نور الدين عبد القادر في كتابه المذكور سابقا.

ثانيا  - التعريف بالمؤلف

مولده و نشأته:


ظل مؤلف هذا الكتاب مجهول الإسم لأنه لم يذكره في تأليفه هذا رغم أنه ذكر اسم أبيه و اسم جده، كما لم نجد له ولا لوالده ترجمة في المصادر التي رجعنا إليها، و لحسن الحظ فإن المؤلف قد ترك لنا في كتابه هذا معلومات عنه وعن أسرته بإمكاننا أن نعد من خلالها ترجمة له.

و رغم أن المؤلف لم يذكر تاريخ مولده إلا أنه ذكر معلومات بالإمكان التعرف من خلالها على تاريخ تقريبي لمولده، و هذا ما فعله الدكتور أبو القاسم سعد الله عند تعرضه لهذا المؤلف، و التي خلص من خلالها إلا أنه  - أي المؤلف  - قد يكون من مواليد عام 1095ه/1688م لأنه ذكر في كتابه أنه سمع في صباه عن شُهرة المفتي محد بن سعيد قدورة الذي توفي عام 1107ه/1695م فيكون عمر المؤلف حينذئذ حوالي سبع سنين.

و قد عاش المؤلف بمدينة الجزائر و تزوج بها و أنجب أولادا قال إنه فقدهم فأصابه الحزن في أواخر حياته، و لم يذكر المؤلف ما إذا كان أولاده قد ماتوا أو فارقوه.

أما والد المؤلف فهو المفتي الحنفي حسين بن رجب شاوش، و قد وصفه إبنه في كتابه هذا ب"الشيخ الإمام الصالح الكامل الأصولي الفقيه ا لمتبحر" و ذكر أنه وُلد بمدينة الجزائر و توفي بها و أنه قد تولى الفتوى سنة 1102ه/1691م و عمره ثلاثون سنة و معنى هذا أنه وُلد سنة 1072ه/1661م، وهكذا فقد أنجب ولده - مؤلف الكتاب -  و هو في الثالثة و العشرين من عمره.  و لا يقدم المؤلف تاريخا لوفاة والده.

و ذكر المؤلف أيضا أن والده هو أول "كرغلي يتولى منصب الإفتاء، وقد كان الكراغلة قبل ذلك محرومين من تقلد المناصب الهامة نتيجة الصراع الذي كان محتدما بينهم و بين الأتراك.

و قد صان المفتي حسين بن رجب هذا المنصب و أعطاه حقه، كما أنه كان يتصف بأخلاق عالية مما جعله يتمتع بحظوة كبيرة لدى الحكام الأترك، فكنت كلمته مسموعة لديهم فاستغل ذلك في قضاء مصالح الناس عند السلطة الحاكمة، حتى أنه كان يفضل المصالح العامة على مصالحه الخاصة، ولا يعني هذا أنه كان مهملا لولده كما استنتج الدكتور سعد الله، و مما يؤكد هذا وصايا الوالد لولده المؤلف بأن يكون طموحا وأن يهتم بالعلم.

و عُزِل والد المؤلف في عهد الداي أهشي مصطفى الذي ولى مكانه محمد النيار الذي قال عنه المؤلف أنه أهان العلم و أهله،  و أنه سن سُنَّة الوقوف أمام الحكام بينما كان الحكام في السابق هم الذين يقفون للعلماء إجلالا لهم.

وأما جد المؤلف فهو رجب بن محمد، وقد جاء للجزائر و هو شاب مراهق ليمارس التجارة برفقة أخ له أكبر منه، في السفن التي كانت ترسلها الدولة العثمانية لإعانة الجزائر آنذاك.  و لما بلغ هذا الجد سن الكهولة "ولع بالسفر في البحر طلبا لنيل المغانم ثم أصبح ورديان باشي" أي رئيس الحراس على سفينتين من نوع الغلياطة كانت تمتلكهما امرأة تُدْعَى زهرة باي، ثم قُلِّد رتبة شاوش العسكر بمدينة الجزائر من سنة 1064ه/1653م إلى سنة 1082ه/1671م، ولما انتهت مدة خدمته كشاوش فإنه تقلد رتبة بولوكباشي، ثم أُحيل على التقاعد، وأكمل بقية حياته في الدار التي تقع أعلى حي السويقة الذي يوصل إلى جامع علي بتشين و كان يُعرَف سابقا ب"كالي موسى" و مرض هذا الجد بحصر البول، ثم مات و دُفِن بالمقبرة التي هي قرب الفخار خارج باب الواد بين ضريحي الثعالبي و محمد السعدي. 

شيوخ المؤلف : (مُختصر)


ذكر المؤلف في ثنايا كتابه أسماء ثلاثة لشيوخه و هم:
الشيخ محمد بن نيقرو، عمّار المستغانمي ومصطفى العنابي.



بوابة الجزائر نقلا عن الكتاب، تحقيق الأستاذ فارس كعوان



الاحتلال الفرنسي للجزائر - السياسة الإستعمارية (1870 م - 1914 م)

الاحتلال الفرنسي للجزائر -  السياسة الإستعمارية 1870 م - 1914 م



1 - التنظيم الإداري:

إثر سقوط حكم نابليون الثالث في 1870 م قامت الجمهورية الثالثة، فانتقلت السلطة من الجيش إلى أيدي المدنيين الذين عدلوا من الهيكل الإداري للجزائر فاتخذ الشكل التالي:

أ - الحاكم العام :

 موظف مدني كبير يتبع وزارة الداخلية الفرنسية، وينفذ أوامرها، ويمثل أعلى سلطة في الجزائر ويعاونه مستشارون، وفي 1898 م أستحدثت (مجلس الحكومة الأعلى) لمساعدة الحاكم العام، وتشكل من : قائد القوات البرية و البحرية ومفتش الأشغال العمومية، ومفتش المالية، أهم وظائفه: وضع ميزانية الجزائر.

ب - العمالات:

قسمت الجزائر إلى ثلاث عمالات (ولايات) هي: الجزائر- وهران - قسنطينة، على رأس كل منها (Prefet) يعينه وزير داخلية فرنسا، و يتبع الحاكم العام، ويساعده في تسيير ولايته مجلس  ولائي من الفرنسيين، أنضم إليه عدد قليل من الجزائريين في أواخر القرن 19 م. وقسمت كل ولاية إلى دوائر (sous-prefecture)  ويشرف عليها نائب وال (sous-prefet).

ج - البلديات :

و هي نوعان :
  1. بلديات كاملة السلطة : تطبق فيها القوانين المتبعة في فرنسا، واقتصر وجودها على المناطق التي تضم غالبية أوروبية و كافة أعضاء مجالسها أوروبيون.
  2. بلديات مختلطة : تواجدت في المناطق التي يقل فيها عدد الأوروبيون، وكانت تحت الرقابة المباشرة لإداريين فرنسيين  يملكون سلطات هامة، ولهؤلاء الإداريين مساعدون جزائريون تعينهم السلطات الفرنسية أيضا.
د - المناطق العسكرية:

وشملت المناطق التي ظلت تدار من قبل الجيش الفرنسي في السهوب والصحراء بمساعدة المكاتب العربية.
أهم القوانين الإدارية الصادرة بعد 1870 م:

I - قوانين كريميو (Cremieux) :


 أخذت اسم معدها اليهودي موشى ثم أدولف كريميو : فكان محاميا فنائبا - فوزيرا للعدل - صدرت في 24 أكتوبر 1870 م و تضمنت خاصة:
  • إلغاء منصب الحاكم العام العسكري، واستبداله بالحاكم العام المدني، الذي يعاونه مستشارون.
  • الإحتفاظ بتقسيم الجزائر إلى ثلاث عمالات.
  • منح الجنسية الفرنسية لليهود مع احتفاظهم بأحوالهم الشخصية اليهودية ( كان عددهم حوالي 38 ألفا ).
II - قانون الأهالي أو الأندجينا (code de l'indigenat):


صدر سنة 1874 م، وتدعم في 1881 م و 1897 م، ولم يلغ إلا في سنة 1944 م، وهو نصوص قانونية ظالمة، أعطت للإدارة الاستعمارية صلاحيات استثنائية واسعة أهمها :
  • حق الحاكم العام و الإدارة في توقيع كل أنواع العقوبات بلا محاكمة.
  • الأخذ بمبدأ المسؤولية الجماعية، فتعاقب القبيلة أو الحي بمخالفة الفرد الواحد.
  • إجبار القبائل [البربر] على التقاضي لدى المحاكم الفرنسية.
  • السجن أو التغريم أو مصادرة الممتلكات للمخالفات التالية :
  1. فتح مدرسة أو مسجد أو زاوية بلا رخصة.
  2. رفض العمل في مزارع المعمرين.
  3. التأخر في دفع الضرائب.
  4. التلفظ بعبارات معادية لفرنسا.
  5. التجمع لأكثر من خمسة أشخاص.
  6. عصيان القياد.
  7. ترك محل الإقامة بدون رخصة.
III- قانون التجنيد الإجباري :


بدأ التخطيط له في سنة 1908 م، وصدر في 03/ 02/ 1912 م، ونص على ما يلي :
  • تجنيد كل شخص بلغ 18 سنة.
  • مدة التجنيد 03) سنوات (مقابل 02 للفرنسيين.
  • تقديم منحة للمجند قدرها 250 فرنكا.
  • يمكن تعويض شخص بآخر أو بمبلغ مالي.
ومن هذا نستنتج أن الاستعمار الفرنسي قد لجأ في أسلوب إدارته لبلادنا إلى إقصاء الشعب الجزائري عن المساهمة في حكم وطنه، وكرست سيطرة العنصر الدخيل كما عمد هذا الاستعمار إلى تسليح إدارته بقوانين همجية.

2 - التنظيم الإقتصادي :

 
قامت فرنسا منذ بداية الاحتلال بإتلاف وثائق ملكية الأراضي إن وجدت، واستولت على أراضي الحكومة والأوقاف الإسلامية وغيرها بالقوة وضمتها لأملاك الدولة تمهيدا لتوزيعها على المعمرين. ثم عمدت في مرحلة لاحقة إلى محاولة إعطاء الصفقة القانونية لتلك العمليات فأصدرت جملة نقل ملكية ومصادرة قوانين أهمها:
  • مرسوم 21 جويلية 1846 م : فرض على كل مالك أرض جزائري حيازة وثائق تثبت ملكيته، وإلا ضمت أرضه إلى أملاك الدولة.
  • مرسوم 16 جوان 1851 م : سحب ملكية أراضي العروش من القبائل، وترك لهل حق الانتفاع بها فقط.
  • قرار 30 مارس 1871 م : جاء بعد ثورة المقراني، ونص على مصادرة أراضي كل من قام بنشاطات معادية لفرنسا.
  • قانون 26 جويلية 1873 م : فرض إقامة الملكية الفردية على أراضي العروش التي لم تتمكن فرنسا من ضمها إلى أملاك الحكومة (لتسهيل انتقالها للمعمرين بالبيع أو التهديد) ثم بعثها قوانين أخرى أدت كلها ارتفاع مساحة أراضي المعمرين.

الاحتلال الفرنسي للجزائر - السياسة الإستعمارية (1830 - 1870)

الاحتلال الفرنسي للجزائر - السياسة الإستعمارية 1830 - 1870


السياسة الفرنسية بعد الاحتلال (1830 - 1870)

أ - إلحاق الجزائر بفرنسا سياسيا (1830- 1834)

بقيت الجزائر خاضعة للحكم العسكري الفرنسي كأرض أعداء محتلة حتى عام 1834 م حيث اعتبرت منذ هذا التاريخ، ومن وجهة النظر الاستعمارية جزءا من الممتلكات الفرنسية وأصبحت تدار وفق أنظمة خاصة لم تتخذ صفات الثبات و الاستقرار، حتى قيام الجمهورية الثالثة عام 1870 م، بسبب تصارع تيارين حول أسلوب الإدارة الفرنسية في الجزائر هما: العسكريين ويتمثل في اتخاذ بعض الرؤساء التقليد بين الجزائريين الموالين للاستعمار وسطاء بينهم وبين السكان، والموقف الثاني للمدنيين ويقوم على أسلوب الإدارة المباشرة.
ولذلك جاء النظام الإداري الذي أخضعت له الجزائر إبتداء من 1840 م مزيجا من الموقفين، فقد طبق في المناطق الشمالية التي يكثر فيها المعمرون نظام مدني مماثل لذلك المتبع في فرنسا، وطبق في المناطق الداخلية التي يقل فيها المعمرون خليط من نظام مدني على الأوروبيين، وإدارة عسكرية تعاونها المكاتب العربية [ وهي جهاز من بعض العملاء الجزائريين يقودهم ضابط فرنسي، يقوم بجمع الضرائب من السكان والسهر على إستتباب الوضع، واضطهاد الشعب وبدأت بالظهور منذ 1833 م ] على الجزائريين. أما
المناطق الجنوبية فخضعت لحكم عسكري تباشره المكاتب العربية.

ب - السياسة الاقتصادية تمثلت خاصة في :

  • نزع الأرض من الجزائريين، بضم الأوقاف الإسلامية والأراضي التي يمتلك أصحابها وثائق ملكيتها، ثم الأراضي المشاعة، والغابات والمراعي إلى أملاك الدولة، وحجز الملكيات التي هجرها أصحابها، ومصادرة القبائل المجاهدة [رسميا منذ 1840 م] فانتقلت مساحات واسعة من الأرض إلى السلطات والمعمرين بلغت سنة 1860 م قرابة 5 مليون هكتار منها 370000 هكتار للمعمرين.
  • ربط اقتصاد الجزائر بفرنسا بإلغاء النقود الجزائرية العثمانية وسك نقود فرنسية في 1851 م، وفتح أسواق الجزائر أمام المنتجات الفرنسية (وشجعت في مرحلة لاحقة في زراعة الكروم لإنتاج الخمور، على حساب الحبوب وإنشاء شبكة سكك حديد بين المناجم وموانئ التصدير لتسهيل استخراج المعادن وتصديرها خاما إلى فرنسا ).
ج - السياسة الإجتماعية والثقافية و أهمها:

  • تشجيع هجرة الأوروبيين بتقديم الأرض والقروض بأيسر الشروط، وبناء المرافق الضرورية للاستيطان كالمستوطنات (أولها في بوفاريك سنة 1836 م ) والطرق والسدود وأقنية الري. فارتفع عدد المعمرين من 25000 في 1839 م إلى 110000 في 1847 و 220000 معمر سنة 1866 م.
  • محاربة التعليم واللغة العربية والدين الإسلامي بالقضاء على الأوقاف، وإبادة واضطهاد المعلمين، ومنع فتح المدارس وتجميد استعمال اللغة العربية، وتدمير المساجد والزوايا أو تحويلها إلى مستشفيات ومتاحف وثكنات وكنائس.
  • إنشاء بعض المدارس الإبتدائية (الفرنسية  الاسلامية) لتعليم أبناء الجزائريين في المدن الكبرى منذ 1850 م، لم يتجاوز عددها 36 مدرسة وتلاميذها 13000 في 1870 م. وكانت تدرس بمناهج ولغة فرنسية.
  • محاولة التنصير بواسطة بعض الأعمال الانسانية، كمداواة المرضى وإطعام الجياع، ورعاية الأيتام، قام بها رجال دين مسيحيون في طليعتهم لافيجري (Lavigerie ) خاصة أثناء كوارث 1866-1869 م بهدف إنشاء شريحة موالية لفرسيا، وتحويل الجزائر إلى قاعدة لتنصير إفريقيا.
  • سياسة تجنيس فئة من الجزائريين الذين تتوفر فيهم بعض الشروط النادرة: كالخدمة في الجيش الفرنسي أو المجالس المنتخبة أو الإدارة، إضافة إلى القراءة والكتابة باللغة الفرنسية، وحيازة بعض الممتلكات، مع التخلي عن الأحوال الشخصية الإسلامية، وذلك بمقتضى قانون سينا توسي كونسولت لعام 1865 م.

الاحتلال الفرنسي للجزائر - المقاومة و أشكالها

الاحتلال الفرنسي للجزائر - المقاومة و أشكالها

المقاومة الشعبية


يتلخص الموقف في رفض منطق الاستعمار وعبر عنه من خلال المقاومة التي وجدها الفرنسيون في كل منطقة يحتلونها ويمكن تقسيم المقاومة الشعبية المسلحة إلى :  
  1. مقاومة منظمة ( 1830 - 1847) وتزعمها الأمير عبد القادر في الغرب الجزائري. وأحمد باي في الشرق الجزائري (1836 - 1837)
  2. مقاومة غير منظمة (1847 - 1919) وتشمل ما يلي: 
  • ثورة بومعزة (1844- 1847)
  • ثورة سكان واحة الزعاطشة والشيخ بوزيان  (1849)
  • ثورة الشيخ بوعود ومولاي ابراهيم (1845 - 1853) 
  • ثورة بوبغلة (1851 - 1855)
  • ثورة الحاج عمر وفاطمة أنسومر (1843 - 1854)
  • ثور الصادق بالحضنة وبسكرة  (1858 - 1859)
  • ثورة بوخنتاش في المسيلة  (1860)
  • ثورة الزواغة وفرجيوة بالبابور  (1849 - 1864)
  • أحداث قبائل بني سناس بالحدود الغربية  (1859)
  • ثورة الشريف محمد بن عبد الله (1842- 1895)
  • ثورة أولاد سيد الشيخ (1864 - 1873)
  • ثورة بن ناصر بن شهرة (1851 - 1871)
  • ثورة الشريف بشوشة (1869 - 1874)
  • ثورة المقراني والشيخ الحداد (1871 - 1872)
  • ثورة بني مناصر في شرشال ومليانة (1871)
  • ثورة الأوراس (1879)
  • ثورة الشيخ بوعمامة  (1881 - 1883) 
ويلاحظ أن التراب الوطني عمته هذه الثورات والانتفاضات ويمكن أن نأخذ نموذجين أحدهما عن المقاومة المنظمة والتي قادها الأمير عبد القادر بين (1832 - 1847 )، وثانيهما ثورة المقراني والشيخ الحداد.

من هو الأمير عبد القادر؟

ولد بالقيطنة قرب معسكر سنة 1807 تعلم في وهران ثم سافر مع والده إلى الحجاز لأداء فريضة الحج سنة 1825 .زار بغداد ودمشق والقاهرة، بويع في 27 نوفمبر 1832 بالإمارة وقيادة المقاومة المسلحة ضد الفرنسيين. إلى جانب حنكته العسكرية والسياسية كان رجل أدب وعلم وصاحب دين وتقوى له مؤلفات عديدة ومواقف خالدة اشتهر بها مثل انقاذه لآلاف المسيحيين من الابادة في سورية سنة 1860 توفي بدمشق سنة 1883 ونقل جثمانه إلى الجزائر بعد الاستقلال.
أدرك الأمير بأن النصر مرتبط بعوامل أهمها :
أ- توحيد الجزائريين تحت راية واحدة واخلاصهم في الدفاع عن وطنهم.
ب- دعم الاشقاء في المغرب والدولة العثمانية.
لقد نجح فعلا في رص صفوف معظم الجزائريين لكن واجهته عراقيل مع سلطان المغرب كما أهمله العثمانيون، وقد مرت المقاومة بثلاث مراحل:

أ - مرحلة القوة (1832 - 1837) :

المبادرة العسكرية والتفوق على الأرض غالبا كانت لصالح الأمير وأهم حوادث هذه الفترة :
  • مهاجمة قوات العدو باعتماد حرب العصابات حيث انتصر في عدة معارك منها معركة خنق النطاح الأولى والثانية في ماي 1832 حيث تكبد الفرنسيون خسائر جسيمة.
  • اتخاذ مدينة معسكر عاصمة للدولة الجزائرية وميناء أرزيو لاستيراد السلاح.
  • الزام القبائل بالتشبث بأرضها ومقاطعة الفرنسيين ومحاصرة مراكزهم في المدن الساحلية.
  •  تنشيط مدن الداخل والسهول العليا كتلمسان، مليانة، والمدية، وقصر البخاري. وجعلها محاور اقتصادية واجتماعية وعسكرية للدولة.
  • إعلان التبعية لسلطان المغرب بغية الحصول على المساعدات.
في هذه المرحلة اشتدت وطأة الحصار الاقتصادي المفروض على الفرنسيين في كل من وهران ومستغانم مما دفعهم إلى مهادنة الأمير وإبرام معاهدة دوميشال (حاكم وهران) في  26 فيفري 1834 ومن بنود هذه المعاهدة :
  • وقف القتال بين الطرفين.
  • حرية التجارة بين الطرفين.
  • انفراد الأمير بالسلطة في سائر أنحاء الغرب الجزائري باستثناء وهران، ومستغانم وأرزيو.
وقد استغل الأمير الهدنة بتوسيع نفوذه وتأسيس جيش نظامي من المشاة والفرسان والمدفعية قدر أفراده ب 50 ألفا.

في 1835 عزل دميشال وعوض بالجنرال تريزال حاكما على وهران فقام بتوفير الحماية لبعض القبائل المتمردة على الأمير الشيء الذي دفع بالأمير إلى العودة إلى الحرب فحقق انتصارات على الفرنسيين مثل معركة وادي المقطع قرب سيق في 17 جوان 1835 . 

اهتز الرأي العام الفرنسي لهذه الهزائم فقامت الحكومة الفرنسية بعزل الحاكم العام وتريزال وعين مكانهما الماريشال بيجو والجنرال كلوزيل وأمدتهما بقوات جديدة قدرت ب 36 ألف عسكري.

أحدث هذا التغيير عدم التوازن بين الطرفين فهاجم كلوزال معسكر عاصمة الدولة الجزائرية في ديسمبر 1835 غير أنه وجدها فارغة فخربها، وكان الأمير قد أخلاها واتخذ تاقدمت غربي تيارت عاصمة جديدة له ثم قام بغزو تلمسان في جانفي 1836 واحتلها بالتواطؤ مع بعض الخونة فيها لكن الثوار ضلوا مسيطرين على الطريق الرابط بينها وبين وهران فرد الفرنسيون بتمشيط المنطقة واشتبكوا مع قوات الأمير وتغلبوا عليها في معركة وادي سكاك غربي تلمسان في جويلية 1836.

رغم هذه الهزيمة صمد الأمير والتف الشعب حوله فقرر الفرنسيون مهادنته ثانية، حتى يتفرغوا للمقاومة في الشرق الجزائري التي يقودها أحمد باي، وهكذا أبرموا معه معاهدة التافنة في 30 ماي 1837 وبموجبها توقفت الحرب بين الطرفين لفترة، واعترف كل منهما بمناطق نفوذ الأخر كما تبادلا القناصل.

ب - مرحلة الهدوء المؤقت وتنظيم الدولة (1837 - 1839):

استغل الأمير الهدوء ووسع حدود دولته حتى  شملت كل الغرب ماعدا تلمسان و وهران ومستغانم والوسط حتى شرقي سطيف والجنوب القسنطيني أي الأوراس والزيبان وفي الجنوب امتدت إلى ما وراء واد ميزاب وواد سوف حتى بلاد الطوارق وقام بعدة اصلاحات منها :
  •  تشكيل مجلس شورى ومجلس وزراء.
  • تقسيم البلاد إلى ثمان ولايات على رأس كل منها خليفة.
  • إقامة جهاز قضائي يستمد أحكامه من الشريعة الاسلامية.
  • تشجيع الفلاحة وتربية المواشي.
  • وضع ميزانية عمادها أموال الزكاة والضرائب
  • سك عملة جزائرية.
  • إرسال العلماء لنشر العلم في الأوساط الشعبية جمع المخطوطات حفاظا لها من الضياع.
  • بناء معامل للسلاح والذخيرة بالاستعانة بخبراء أجانب في تاقدمت ومليانة وتلمسان.
  •  إقامة حصون عسكرية كسبدو وبوغار وسعيدة وتازة جنوب مليانة.
  • اعتماد راية وطنية وشعار رسمي للدولة.
  • مباشرة اتصالات خارجية خاصة مع سلطان المغرب للتحالف معه ضد الفرنسيين (1839).

ج- مرحلة حرب الإبادة والتسليم (1839 - 1847)

شعر الفرنسيون بخطورة نشاط الأمير على مصالحهم فنقضوا معاهدة تافنة فاندلعت الحرب مجددا في نوفمبر 1938 بمبادرة جزائرية وكان الانتصار حليف الأمير الذي هاجم العدو في كل مكان وهددهم حتى داخل العاصمة فدفعت فرنسا بقوات إضافية إلى ساحات القتال بقيادة الماريشال بيجو الحاكم العام الجديد.

إن خطة بيجو تمثلت في تشكيل وحدات عسكرية خاصة بحرب العصابات خفيفة التسليح يسهل بها مطاردة قوات الأمير ومهاجمة القبائل الموالية له والتنكيل بها وإغلاق الحدود مع المغرب لمنع وصول الإمدادات وفي الوقت نفسه تقوم بإبادة السكان وتدمير وإحراق كل ما على الأرض ولم يسلم حتى النبات وشهدت هذه المرحلة تطورا خطيرة أهمها:
  • ارتكاب الفرنسيين مجازر لا مثيل لها وتكثيف سياسة الأرض المحروقة.
  • سيطرتهم على معظم المدن الداخلية كتلمسان ومعسكر، سعيدة ، تاقدمت، مليانة، المدية..الخ.
  • أجبر الأمير على الانتقال إلى الونشريس وإنشاء عاصمة متنقلة) الزمالة (ضمت حوالي 60 ألف ساكن مع مرافقهم من أسواق ومدارس ومكتبات ومساجد.
  • اكتشاف الفرنسيين لموقع الزمالة فهاجموها في 16 ماي 1843 بتاغيت75) كلم جنوب بوغار(فأسروا كثيرا من سكانها وجنودها وضاعت معظم الأجهزة الإدارية والذخائر العسكرية والموارد المالية للدولة الجزائرية.
  • لجوء الأمير مع انصاره إلى منطقة الريف بالمغرب لطلب المساعدة، فحضي بتأييد شعبي واستجاب السلطان عبد الرحمن جزئيا، غير أن القوات الفرنسية هاجمت المغرب وهزمت جيشه في موقعة إيزلي في أوت 1844 واحتلت مدينة وجدة وقصفت طنجا والصويرة، وفرضت على المغرب معاهدة طنجة، وبموجبها سحب السلطان تأييده للأمير الذي عرضت عليه قبائل الريف مبايعته سلطانا عليها فرفض وعاد إلى الجزائر في السنة الموالية 1845 لاستئناف المقاومة، وانضمت إليه شخصيات مثل بومعزة في منطقة الظهرة.
  • تمكنت قوات الأمير من تحقيق انتصارات رائعة على الفرنسيين، تمثلت في هزيمة كافينياك في معركة سيدي براهيم غرب الغزوات أواخر سبتمبر 1845 كما هاجم الأمير المحتلين في الشلف، متيجة، التيطري ،جبال عمور وأولاد نايل.

وأمام خطورة الوضع أرسلت الحكومة الفرنسية قوات كبيرة وتزامن ذلك مع تناقص الامكانات المادية والبشرية لقوات الأمير فحدث اختلال كبير في موازين القوى وذاق الأمر بالأمير فلجأ ثانية إلى المغرب، أين واجهته القوات المغربية، فاشتبك معها ثم عبر الحدود إلى الجزائر وهناك واجهه الجيش الفرنسي بقيادة الجنرال لامورسير وأصبح محاصرا.

قرر الأمير تجنيب أنصاره المعاناة فاتصل بلامورسيار واتفق معه على شروط وقف الحرب. وأهمها السماح له ولأتباعه بالهجرة إلى المشرق، وفي 27 ديسمبر 1847 في مدينة الغزوات وثيقة التسليم مع الدوق دومال الحاكم العام الجديد وهذا بعد 15 عاما من الصمود أمام دولة كبرى تملك الامكانات المادية. وقد تنكر الفرنسيون كعادتهم للمواثيق، فلم يسمحوا للأمير بالهجرة إلى المشرق، بل حملوه أسيرا إلى فرنسا . حتى سنة 1852 فانتقل إلى بورسة قرب اسطنبول ومنها إلى دمشق إلى أن توفي سنة.1883

لقد كان الأمير صلبا وعنيدا أرسى دعائم دولة وطنية حديثة إلا أن اختلال التوازن بينه وبين فرنسا، وكثرة المتألبين عليه لم يسمح له بالذهاب بمشروعه إلى نهايته.

ثورة المقراني 1871 :

 عاشت الجزائر في الفترة بين 1870 و 1865 أوضاعا مهدت لاندلاع ثورة المقراني التي تعد الأوسع نطاقا وتنظيما بعد ثورة الأمير. و يمكننا تلخيص أسباب و دوافع ثورة المقراني فيما يلي:

1 - الأسباب السياسية :

أ-إصدار قوانين كريميو الخاصة بمنح الجنسية الفرنسية لليهود.
ب-محاولة فرنسا تحطيم نفوذ أسرة المقراني وإذلال زعيمها.

2 - الأسباب الاجتماعية :

أ- حدوث كوارث كبرى مثل زحف الجراد (1864 - 1866) والجفاف (1867) والزلازل وانتشار الأمراض الخطيرة (1867 - 1868) أهلكت مئات الألوف وقطعانا كبيرة من الثروة الحيوانية وأجبر السكان على الهجرة نحو السهول الساحلية. وقامت السلطات الفرنسية بتجميع السكان في محتشدات قرب مليانة والشلف وغليزان (500 ألف).

- الأسباب الاقتصادية :
  • مشكلة الديون التي اقترضها المقراني من بنك الجزائر.بعد مجاعة 1868 لإعانة الموطنين ولما عجز عن تسديدها اضطر إلى رهن أملاكه وبالتالي أصبح مهددا بفقدانها.
  • استمرار الاستيلاء على أملاك الجزائريين.
وإضافة إلى هذه الأسباب هناك ظروف دولية شجعت المقراني على التحرك وهي هزيمة فرنسا في حرب 1870 امام بروسيا واضطراب أوضاعها الداخلية بإعلان الجمهورية ثم ثورة باريس.

مرت هذه الثورة  بثلاث مراحل :

1 مرحلة الإعداد(جانفي إلى 14 مارس1871):
 قدم المقراني استقالته من منصب الباشاغا وعقد اجتماعا مع كبار قواده آخرها يوم 14 مارس   1871 والذي قرر فيه إعلان الثورة في صباح اليوم الموالي وتم في غضون ذلك تشكيل شرطة ولجان بتجميع الأموال وشراء الأسلحة والتحريض على الثورة ومحاكمة المتعاونين مع فرنسا. وقد تمرد في هذه الفترة الصبائحية الجزائريون في مناطق الطارف، بوبغار، وسوق أهراس ورفضوا الذهاب للحرب في فرنسا كما ثار النمامشة في سوق أهراس وتبسة.

2 - مرحلة العمل العسكري ( 15 مارس، جوان1871):
  في 16 مارس 1871 زحف المقراني على رأس 7 آلاف فارس على برج بوعريريج فاندلعت الثورة وانضم إليها في 08 أفريل الشيخ الحداد زعيم الطريقة الرحمانية فاتسع نطاقها وهوجمت مواقع العدو من مليانة غربا حتى القل وجيجل وباتنة شرقا والصحراء جنوبا وحوصر الفرنسيون في بجاية ودلس وتيزي وزو وذراع الميزان والأخضرية ... وقاتل المقراني حتى استشهد في واد سوفلات قرب عين بسام يوم 05 ماي 1871 فخلفه أخوه بومزراق.

-3 مرحلة التراجع)جويلية  (1872 - 1870 وفيها استسلم الحداد ورفاقه في جويلية، واضطر بومزراق تحت الضغط الفرنسي إلى اللجوء إلى الصحراء، وهناك حوصر وأسر يوم 20 جانفي 1872 في نواحي ورقلة، وهكذا انتهت الثورة بعد أن خاضت حوالي 300 معركة ضد العدو.

و يمكن تلخيص انهيار هذه الثورة في النقاط التالية:
  • المواجهة المكشوفة بأسلوب الهجوم المباشر مع عدو يمتلك الإمكانات المادية والبشرية.
  • استشهاد زعيمها المقراني في وقت مبكر.
  • استسلام زعماء الطريقة الرحمانية مما دفع باستسلام الكثير من القبائل.
  • عدم اشتراك بقية مناطق القطر في الثورة.

من نتائج ثورة المقراني:

  1. استشهاد حوالي 60 ألف جزائري مقابل مقتل 20 ألف فرنسي.
  2. ارتكاب الفرنسيين جرائم بشعة ضد السكان كالقتل الجماعي وحرق القرى.
  3. إلقاء القبض على الكثير من الثوار والحكم 6 آلاف منهم بالإعدام وعلى آخرين بالنفي إلى كاليدونيا.
  4. فرض غرامات مالية على السكان قدرت ب 64 مليون فرنك أي 70 % من رأس المال المتوفر في الجزائر.
  5.  مصادرة 7.5 مليون هكتار ومنح بعضها للمهاجرين الجدد من الألزاس واللورين.
  6. نفي عائلة المقراني والمقربين منها إلى الجنوب.
  7. إصدار قانون الأهالي.
  8.  هجرة الكثير من الجزائريين إلى المشرق. 
إن ثورة المقراني اندلعت ردا على سياسات فرنسا الجائرة وشكلت تهديدا خطيرا للوجود الاستعماري في بلادنا.

الاحتلال الفرنسي للجزائر - التوسع الإستعماري

الاحتلال الفرنسي للجزائر - التوسع الإستعماري


عندما تم للفرنسيين الإستيلاء على العاصمة، لم يكن قد استقر رأيهم بعد على مستقبل هذه البلاد، خاصة وأن الشعب الفرنسي لم يكترث لأحداث الحملة، و لم يظهر حماسا لاحتلالها. في حين أدرك قواد الحملة أن السيطرة عليها وحدها لا يكفي لإخضاع البلاد الجزائرية كلها بعد أن فشلت محاولاتهم الأولى للسيطرة على مؤن البليدة ومليانة والمدية.

وفي عهد الجنرال كلوزيل الذي اتبع سياسة التوسع نجحت القوات الفرنيسة في الاستيلاء على كل من المدية ثم وهران في 16 ديسمبر 1830 م.

وفي عام 1833 م استولت القوات الفرنسية على أرزيو ومستغانم وبعض المناطق المجاورة لهما. غير أن المعارضة في البرلمان الفرنسي كانت تطالب وتلح على وقف العمليات العسكرية في الجزائر، وتوفير تلك الجهود والأموال لأغراض أخرى أهم. فاضطرت الحكومة الفرنسية إلى إرسال لجنة تحقيق برلمانية إلى الجزائر قامت بدراسة الأوضاع والأحوال هناك، ثم اقترحت على الحكومة أن تحتفظ بالجزائر باعتبارها مكسبا قوميا، على أن يكتفي بالمناطق الساحلية فقط التي هي محتلة فعلا، ونصحت بعدم التوغل إلى الداخل إلا لضرورة الدفاع عن المناطق الساحلية.

لكن القوات الفرنسية توغلت نحو المناطق الداخلية، وقامت بالاستيلاء عليها حتى وصلت جانت سنة 1911 م. وهذه خريطة توضح عملية التوسع الإستعماري :

الاحتلال الفرنسي للجزائر - التوسع الإستعماري

الاحتلال الفرنسي للجزائر - سير عمليات الغزو و سقوط العاصمة

الاحتلال الفرنسي للجزائر - سير عمليات الغزو و سقوط العاصمة
مهاجمة الجزائر بحرا

إنطلقت الحملة الفرنسية من ميناء طولون يوم 25 ماي 1830 م بقيادة وزير الحرب المارشال دوبورمون. وضمت 36700 جندي، 27000  بحار، 4000 حصان ومئات المدافع و 103 سفينة حربية و 572 سفينة نقل. ووصلت في 14 جوان 1830 م إلى شبه جزيرة سيدي فرج ( 25 كلم غربي العاصمة) وهي أهم نقاط التي وضعها(Boutin) ضعف في الدفاعات الجزائرية، حيث بدأ الإنزال عندها طبقا لخطة الضابط بوتان في 1808 م زمن نابليون للزحف على العاصمة من الغرب. ولم يهاجم الفرنسيون المدينة مباشرة لعلمهم بقوة دفاعاتها، وباستحالة الهجوم مباشرة من البحر. وقد استبسل الجزائريون في الدفاع لكنهم لم يصمدوا طويلا نظرا لعدة عوامل منها :
  1. إسناد القيادة العامة لصهر الداي (الآغا إبراهيم) الذي لم يحاول منع نزول الفرنسيين إلى البر.
  2. عدم إعداد الدفاعات الكافية عند سيدي فرج، رغم علم القيادة بالخطة الفرنسية بواسطة مخابراتها، لاعتقادها بقدرة دفاعات العاصمة على صد المعتدين.
  3. رفض الآغا إبراهيم الأخذ بنصائح أحمد باي، وتمثلت في أنه إذا فشلت القوات الجزائرية في رد الفرنسيين، فإن عليها أن تنسحب غربا نحو وادي مزفران لتهدد من هناك مؤخرة العدو، وتنقض على سفنه إذا حاول الزحف على العاصمة. أما إذا قرر مطاردة القوات الجزائرية غربا فإن عليها أن تستدرجه لتنهكه وتضعفه خاصة أن الفصل كان صيفا قاسيا على الفرنسيين.
  4. هشاشة تنظيم وتسليح القوات الجزائرية.
وهكذا اضطرت قوات الداي إلى التقهقر نحو سهل اسطوالي أين دارت يوم 16 جوان معركة عنيفة أسفرت عن هزيمتها، فاستمرت القوات الغازية في تقدمها إلى أن استولت يوم 4 جويلية على برج الحسن أو الإمبراطور(عند المدخل الجنوبي للعاصمة)، وبادر الداي حسين إلى التفاوض مع الفرنسيين وتوقيع وثيقة الاستسلام يوم 5 جويلة 1830 م التي جاء فيها ما يلي :

  1. تسلم قلعة القصبة وكل القلاع الأخرى المتصلة بالمدينة وميناء هذه المدينة إلى الجيش الفرنسي هذا الصباح على الساعة العاشرة.
  2. يتعهد القائد العام للجيش الفرنسي أمام سعادة الداي أن يترك له الحرية وكل ثرواته الشخصية.
  3. سيكون الداي حرا في أن يذهب هو وأسرته وثرواته الخاصة إلى المكان الذي يختاره فإذا فضل البقاء في الجزائر فله ذلك هو وأسرته تحت حماية القائد العام للجيش الفرنسي وسيعين له حرس لضمان أمنه الشخصي وأمن أسرته.
  4. يتعهد القائد العام لكل الجنود الإنكشاريين بنفس المعاملة ونفس الحماية.
  5. سيظل العمل بالدين الإسلامي حرا، كما أن حرية السكان مهما كانت طبقتهم ودينهم، وأملاكهم، وتجارتهم، وصناعتهم، لن يلحقها أي ضرر، وستكون نساؤهم محل احترام، وقد التزم الرائد العام على ذلك بشرفه.

وسيتم تبادل وثائق هذا الاتفاق قبل الساعة العاشرة هذا الصباح وسيدخل الجيش الفرنسي حالا بعد ذلك إلى القصبة ثم يدخل كل القلاع التي حول المدينة كما يدخل الميناء.

بعد توقيع معاهدة الاستسلام ذهب الداي حسين إلى نابلي مع حاشيته وأمواله، فاحتل الغزاة مدينة الجزائر، واستولوا على أملاك الحكومة والمواطنين، ودنسوا المساجد ودمروا وأحرقوا وانتهكوا الحرمات متنكرين بذلك لشروط الإتفاق التي نصت على احترام الديانة الإسلامية وأملاك السكان وحرماتهم.

الاحتلال الفرنسي للجزائر - أسبابه

حادثة المروحة


يندرج الغزو الفرنسي للجزائر سنة 1830 م في إطار التوسع الاستعماري الأوروبي، الذي استفحل خطره بعد الثورة الصناعية وتزايد الحاجة إلى المواد الأولية، والأسواق التجارية، ومجالات استغلال رؤوس الأموال، فاتجهت دول أوروبا لاحتلال دول إفريقيا وآسيا لتحقيق أهدافها. والسؤال الذي ينبغي أن نطرحه، ما هي الأسباب الحقيقية التي دفعت فرنسا إلى غزو الجزائر؟

أسباب الإستعمار الفرنسي للجزائر

الأسباب غير المباشرة :

حاول القادة الفرنسيون تبرير أطماعهم الاستعمارية بخصوص الاحتلال ومن تلك المبررات :
  • قيام الداي بهدم حصون المؤسسات الفرنسية لصيد المرجان على الساحل الشرقي للجزائر.
  • إنهاء الاحتكار الفرنسي لصيد المرجان و إعطاء الحرية لكل الدول.
  •  رفض الداي إعطاء إجابات على حجز الأسطول الجزائري للباخرة الفرنسية في ميناء عنابة.
  •  قيام الأسطول الجزائري بتفتيش السفن الفرنسية وفي ذلك خرق لمعاهدة هدنة مع فرنسا سنتي 1826 م،1827 م.
ويمكن تلخيص أسباب الاحتلال فيما يلي:

أسباب دينية : ويظهر ذلك من خلال قول رئيس الوزراء الفرنسي ( دي بولينياك ) بأن الاحتلال يجب أن يباركه كل المسيحيين وكل العالم المتحضر، وما جاء على لسانه: ( إن كان للصراع الذي أوشك أن يبدأ نتيجة هامة فهي التي ينبغي أن تسجل لصالح المسيحية.

أسباب سياسية : الأزمة السياسية التي عاشتها فرنسا سنة 1830 م بين الحكومة الملكية والمعارضة، فأرادت هذه الحكومة صرف أنظار الرأي العام الفرنسي عن قضاياه الداخلية.

أسباب إقتصادية : منذ تأسيس الشركة الملكية الإفريقية الفرنسية، وبعد ظهور الأطماع البريطانية في الجزائر من خلال حملة إكسموت سنة 1816 م كلف بوتان من قبل نابليون 1808 م بإعداد خطة مفصلة لغزو الجزائر.

أسباب عسكرية : استغلال ظروف الجزائر العسكرية المتمثلة في فقدان معظم قطع الأسطول الجزائري في معركة نافرين، مما أدى إلى انكشاف السواحل الجزائرية.

السبب المباشر :

ويتمثل في حادثة المروحة، وملخصها أن الداي حسين جدد في 29 أفريل 1827 م وبمناسبة عيد الأضحى أثاء حفل استقبال أقامه للقناصل الأجانب المعتمدين في الجزائر، جدد طلبه من وسأله عن سبب تجاهل ملكها لرسائله. لكن رد (Duval) فرنسا تسديد ديونها للجزائر عبر قنصلها دوفال القنصل كان وقحا. فأشار إليه الداي بمروحة كانت بيده آمرا إياه بالخروج.  وقد ادعى دوفال في تقريره إلى حكومته بأنه ضرب ثلاث مرات أما الداي فقد قال : بأنه ضربه لأنه أهانه. وتذهب رواية أخرى إلى أن الضرب لم يقع أصلا ولكن وقع التهديد بالضرب.

كان رد فرنسا على ذلك إرسال قطعة من أسطولها أمام الجزائر بقيادة كولي (Collet) وقد وصلت القطعة يوم 12 جوان 1827 م وصعد القنصل دوفال سفينة القبطان المسماة (لابروفانس). جاء كولي يطلب من الداي أن يأتي شخصيا إلى السفينة ويعتذر للقنصل. ولما كان معروفا مسبقا أن الداي لن يرض بذلك. فقد شملت تعليمات كولي على اقتراحات أخرى وهي:
  • أن يستقبل الداي القبطان ورئيس أركانه والقنصل بمحضر الديوان والقناصل الأجانب ويعتذر أمامهم إلى دوفال. 
  • أن يرسل بعثة برئاسة وكيل الحرج (وزير البحرية) إلى قطعة الأسطول الفرنسي ليعتذر باسم الداي إلى القنصل. وفي جميع الحالات يرفع العلم الفرنسي على جميع القلاع الجزائرية، بما في ذلك القصبة وتطلق مائة طلقة مدفع تحية له. وكانت تعليمات كولي تقضي أنه في صورة قبول الداي أحد الحلول الثلاثة، يتقدم إليه بعد ذلك بعدة مطالب فرنسية تتضمن عدة تعويضات، ومعاقبة الجزائريين المسؤولين عن الأضرار بالمنشئات الفرنسية، وحتى تسليح هذه المنشئات في المستقبل، وإعلان الجزائر أنه لا حق في دين بكري كما تقتضي التعليمات أنه في حالة عدم استجابة الداي لواحد من الاقتراحات المذكورة يعلن الحصار رسميا على الجزائر.
بناء على التعليمات أرسل كولي بالإقتراح الثالث في 15 جويلية إلى الداي وأعطاه أربعا وعشرين ساعة للرد  . كان حامل هذا الإنذار قنصل سردينيا في الجزائر الكونت D'ATTILI  الذي أصبح يرعى المصالح الفرنسية بعد انسحاب دوفال.

كان رد الداي على داتيلي أنه لا يفهم بدلا من أن تعين فرنسا قنصلا جديدا وتكتب إليه مباشرة، لجأت إلى إرسال إنذار مضحك مع ضابط بحرية. وعندما انقضى أجل الإنذار بدون رد أعلن كولي الحصار في 16 جويلية 1827 م. أما الداي فقد أمر من جهته باي قسنطينة بالإستلاء على المنشئات الفرنسية الواقعة في إقليمه.

شرعت بعدها فرنسا بوضع خطط الغزو وقد ركزت باريس أمام الرأي العام الأوروبي على سبب آخر تمثل في دعوى تخليص أوروبا من ابتزاز القراصنة.

وبانتظار الهجوم تريثت فرنسا ريثما يضعف حصارها الجزائر وترى مآل خطتها بغزو محمد علي باشا للجزائر برا لصالحها ( وقد فشلت لأسباب منها اعتراض العثمانيين وبريطانيا عليها، وخشية تألب الرأي العام الإسلامي على محمد علي) وكذا ترقب الظروف السياسية الملائمة للقيام بالغزو.