تقديم الكتاب :
حرب الثلاثمائة سنة بين الجزائر واسبانيا 1492 – 1792
تأليف : أحمد توفيق المدني
الناشر: الشركة الوطنية للنشر والتوزيع - الجزائر
حرب الثلاثمائة سنة بين الجزائر واسبانيا
مقدمة :
عندما طلب آخر ملوك غرناطة عبد الله الأحمر من الملكين الكاثوليكيين فرديناند وايزابيلا السماح له باللجوء الى المغرب مع حاشيته، توجسا خيفة من ذلك وفي ذهنهما معركة الارك والزلاقة عندما هب المرابطون والموحدون لنجدة مسلمي الأندلس وأرجعوا الإسبان الى الوراء، وفي نفوسهما خوف من أن يكرر ابن الاحمر الكرة ويعيد الحرب على اسبانيا.
غير أن الكاردينال خمينيس الذي كانت جواسيسه تجوب شمال افريقيا طمأن الملكين بأن المغرب العربي في حالة من الإنهيار لا يمكن معه أن ينتظر ابن الاحمر اي معونة بل لعل السماء تهيأ للملكين الجو لإعادة شمال افريقيا الى الكنيسة مرة أخرى.
في الحقيقة لم يكن الكاردينال مخطئا فقد انهار ذلك الصرح العظيم الذي اقامه البطل الجزائري عبد المؤمن بن علي وخلفائه الموحدين ورثة امبراطورية المرابطين الكبيرة وتفتت دولة الموحدين التي نجحت في توحيد المغرب العربي لاول مرة في تاريخه الى ثلاث دول حيث استقل بنو حفص بتونس وطرابلس وبنو عبد الواد بالجزائر وبنو مرين بالمغرب الاقصى، وسرعان مادخلت هذه الدول في حروب بينها وجعل الله بأسها فيمابينها فكان المغرب العربي مسرحا لسلسلة طويلة من الحروب انهكت قواه الى درجة ان اتخذ السلاطين في الدول الثلاثة حرسا من المسيحيين من النورمان والإسبان والايطاليين مما جعل اسرار البلاد مكشوفة وخيراتها منهوبة وبأسها ضعيف إلا فيما بينها .
وسرعان ما ضعفت أسس هذه الدول التي سرعان ما تفتت الى دويلات صغيرة؛ ففي الشرق إستقل الأمير الحفصي ابن عباس بشرق الجزائر وكون إمارة بني عباس، أما في الوسط فقد شكلت مدن الجزائر وبجاية ووهران ودلس و شرشال جمهوريات تجارية مستقلة على شاكلة الجمهوريات الايطالية كجنوا والبندقية وفلورنسا. بينما أخذ نجم بني مرين في الأفول تدريجيا فبينما كان السلطان المريني سعيد يحاصر تلمسان، اسوتلى البرتغال على أصيلا، ثم انتهزوا فرصة محاربته لأبي حسون واستولوا مرة أخرى على عدد من المدن والموانئ المغربية. بينما انشغلت دولة بني عبد الواد إما في رد غارة حفصية تارة أو في رد غزو مريني تارة أخرى أو في قمع تمرد يقوم به عرب بني سويد أو قبيلة مغراوة أو في مجابهة دسائس قبائل بني راشد.
0 comments:
إرسال تعليق