إن تاريخ الجزائر الحضاري تعرض لكثير من التشويه؛ فالمؤرخون الأوروبيون يصرون على اعتبار البحارة المسلمين الذين جاهدوا لوقف الهجمات الصليبية على بلادهم أمثال "عروج" وأخيه "خير الدين بربروس" و"صالح رايس" على أنهم قراصنة مع أن هؤلاء كانوا مثلا أعلى في البطولة والفدائية، فقد جسد "عروج" و "خير الدين" في نظر الجزائريين روح المواجهة والإستبسال في المعارك التي خاضوها دفاعا عن الإسلام في شمال إفريقيا، واستطاعوا جمع سائر مسلمي هذه البلاد لمواجهة أعداء الإسلام، ومن المؤسف حقاً أن نرى بعض المؤرخين والباحثين المسلمين قد سايروا المؤرخين الأوروبيين في هذا الرأي الخاطئ، ووصفوا عمليات الجهاد الديني البحري التي قام بها هؤلاء البحارة ضد السفن المسيحية التي دأبت على التعرض للسفن الإسلامية بأنها عمليات قرصنة رغم خطئها إذ يجب أن نطلق عليها عملية الجهاد البحري الإسلامي، فليس من المنطقي أن نعتبر الرجال الذي يخرجون على سفنهم للدفاع عن السواحل الإسلامية في شمالي أفريقيا والعمل على حماية الممتلكات والأرواح الإسلامية بأنهم قطاع طرق وقراصنة ولا هَمّ لهم إلا السلب والنهب وخنق التجارة الدولية، وعرقلة قيام علاقات سلمية بين الشعوب.
ومن الغريب حقا أن نجد أفكارا خاطئة حول هذا الموضوع لا تزال رائجة يرددها متخصصون أكاديميون، الواقع أن هجوم السفن الإسلامية ضد السفن البحرية الصليبية كان جهادا بحريا إسلاميا وخاصة أنه كانت هناك حروب مستمرة بين الدول.
وقد استند المسلمون إلى مبدأ الجهاد الإسلامي في محاربة أعداء الإسلام سواء على الأرض أو في البحر؛ لذلك فإن ما قام به رجال البحر الجزائريون ضد سفن إسبانيا والبرتغال و فرسان القديس يوحنا كان جهادا بحريا إسلاميا جاءت بدايته ردا على اعتدءات تلك القوى الصليبية على المسلمين في اسبانيا وفي شواطئ بلاد المغرب. كما أن ما قاموا به يمكن اعتباره من قبيل الدفاع عن النفس ضد أطماع القوى الصليبية، يضاف إلى ذلك أنه من المعروف أن القرصنة – إذا صح ذلك التعبير – لم تكن مقتصرة على مسلمي شمال إفريقيا، ولكنها كانت سلاحا استخدمه المسلمون وغير المسلمين، فكما كانت السفن الإسلامية تعتدي على سفن الدولة الأوروبية، فإنها كانت سلاحا استخدمه ضد بعضهم البعض وضد المسلمين أيضا، فقد استخدمه الإنجليز ضد سفن خصومهم الإسبان، وباركته الحكومة الإنجليزية، كما شهره البرتغاليون ضد السفن الإسلامية بعد موقعة ديو البحرية.
وعلى أية حال فقد استطاع رياس البحر المسلمون الدفاع عن الشمال الإفريقي ضد العدوان الإسباني المتحالف مع فرسان القديس يوحنا حتى لاح لهم أنه من الخير أن ينضموا تحت لواء الدولة العثمانية ففعلوا وتحول الجهاد الإسلامي في منطقة المغرب العربي من جهاد فردي، إلى جهاد دولة تمتلك من الأساطيل ما تستطيع به ردع أي عدوان صليبي ضد أي دولة إسلامية.
موضوع جيد
ردحذفششششكككككرررراااااااااا
ردحذف