لا غاليلي ولا نيوتن، إخوان الصفا يشرحون للعالم الجاذبية بأنواعها
من هم إخوان الصَّفا؟
نشأ إخوان الصفا حسب أرجح الأقوال منتصف القرن الثالث الهجري، وذلك في خضم النقمة المتزايدة على بني العباس وفساد حكمهم ومُلكهم والذي سموه "دولة أهل الشر"، وقد تمتد جذورهم الفكرية إلى النصف الثاني من القرن الثاني الهجري. وإخوان الصفا مجموعة من الحكماء حاولوا تسخير معارفهم العلمية والفلسفية لجمع الناس في "دولة أهل الخير" والتي تُبنى على أُسس العِلم والحكمة والوَحدة : (.. واعلم أن دولة أهل الخير يبدأ أولها من قوم علماء، حكماء، أخيار فضلاء، يجتمعون على رأي واحد، ويتفقون على مذهب واحد، ودين واحد، ويعقدون بينهم عهدا وميثاقا ألا يتجادلوا ولا يتقاعدوا عن نصرة بعضهم بعضا، ويكونون كرجل واحد في جميع أمورهم، وكنفس واحدة في جميع تدبيرهم فيما يقصدون). ونهجهم في ذلك أنهم لا يعادون عِلْما من العلوم، ولا يتعصبون لمذهب من المذاهب لأنهم سعوا لاحتواء كل المذاهب وجمع كل العلوم.
دوّن إخوان الصفا أفكارهم وآراءهم في سلسلة من الرسائل سموها "رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء"، وهي اثنتان وخمسون رسالة كتبوا فيها عن جميع العلوم والمعارف في زمانهم وأخرى متقدمة على عصرهم، وهي مقسمة إلى أربعة أقسام : رياضية تعليمية وجسمانية طبيعية، ونفسية عقلية، وناموسية شرعية لاهوتية. والرسائل هته ليست من تأليف شخص واحد، بل من تأليف جماعة من العلماء، تتباين معارفهم واختصاصاتهم وأساليبهم، فكان إخوان الصفا أول من سبق في التأليف الموسوعي.
إخوان الصفا يسبقون ماجلان، غاليليو غاليلي واسحاق نيوتن بثمانية قرون
1- إخوان الصفا يشرحون كروية الأرض ومركزها
والأرض جسم مدور مثل الكرة وهي واقفة في الهواء بإذن الله بجميع جبالها وبحارها وبراريها وعماراتها وخرابها، والهواء محيط بها من جميع جهاتها شرقها وغربها وجنوبها وشمالها، ومن ذا الجانب ومن ذلك الجانب … ومركزها هي نقطة متوهمة في عمقها على نصف القطر وبعدها من ظاهر سطح الأرض ومن سطح البحر من جميع الجهات متساو لأن الأرض بجميع البحار التي على ظهرها كرة واحدة.
وقد قدّروا طول خط الإستواء بدقة (25455 ميلا) ومحورها القطبي (6551 ميلا).
وقد قدّروا طول خط الإستواء بدقة (25455 ميلا) ومحورها القطبي (6551 ميلا).
2- إخوان الصفا يشرحون التجاذب الكوني، تراكب القوى والجذب العام والمركزي
يقول إخوان الصفا في باب "ذكر وقوف الأرض في وسط الهواء وسببه" :
وأما سبب وقوف الأرض في وسط الهواء ففيه أربعة أقاويل، منها ما قيل إن سبب وقوفها هو جذب القلب لها من جميع جهاتها بالسوية، فوجب لها الوقوف في الوسط لما تساوت قوة الجذب من جميع الجهات، ومنها ما قيل إنه الدفع بمثل ذلك، فوجب لها الوقوف في الوسط لما تساوت قوة الدفع من جميع الجهات، ومنها ما قيل أن سبب وقوفها في الوسط هو جذب المركز لجميع أجزائها من جميع الجهات إلى الوسط، لأنه لما كان مركز الأرض مركز الفلك أيضاﹰ، وهومغناطيس الأثقال يعني مركز الأرض وأجزاء الأرض لما كانت كلها ثقيلة انجذبت إلى المركز وسبق جزء واحد وحصل في المركز، ووقف باقي الأجزاء حولها يعني حول النقط، يطلب كل جزء منها المركز، فصارت الأرض بجميع أجزائها كرة واحدة بذلك السبب.
3- إخوان الصفا يشرحون الكثافة
ولما كانت أجزاء الماء أخف من أجزاء الأرض، وقف الماء فوق الأرض. ولما كانت أجزاء الهواء أخف من أجزاء الماء، صار الهواء فوق الماء والنار لما كانت أجزاؤها أخف من أجزاء الهواء صارت في العلو مما يلي فلك القمر.
4- كُلٌّ يسبح في مداره
والوجه الرابع ما قبل في سبب وقوف الأرض في وسط الهواء هو خصوصية الموضع اللائق بها، وذلك أن الباري عز وجل جعل لكل جسم من الأجسام الكليات يعني النار والهواء والماء والأرض موضعاﹰ مخصوصاﹰ هو أليق المواضع به، وهكذا القمر وعطارد والزهرة والشمس والمريخ والمشتري وزحل، جعل لكل واحد منها موضعاﹰ مخصوصاﹰ في فلكه هوثابت فيه والفلك يديره معه.
بوابة الجزائر
0 comments:
إرسال تعليق