من هو محمد علي باشا؟
محمد علي باشا، هو مؤسس الأسرة العلوية وحاكم مصر ما بين عامي 1805 إلى 1848م، ويشيع وصفه بأنه "مؤسس مصر الحديثة" وهي مقولة كان هو نفسه أول من روج لها واستمرت بعده بشكل منظم وملفت. استطاع أن يعتلي عرش مصر عام 1805م بعد أن بايعه أعيان البلاد ليكون واليًا عليها، بعد أن ثار الشعب على سلفه خورشيد باشا، ومكّنه ذكاؤه واستغلاله للظروف المحيطة به من أن يستمر في حكم مصر لكل تلك الفترة وأن يجعل الحكم وراثيا بعده، ليكسر بذلك العادة العثمانية التي كانت لا تترك واليًا على مصر لأكثر من عامين.
مشروع حملة محمد علي على الجزائر
كان القنصل الفرنسي في مصر، دروفيتي، على علم بأطماع محمد علي التوسعية في الشام، فأراد أن يصرف نظره تجاه المغرب وأقنعه بتجسيد نواياه هناك. فكتب دروفيتي إلى رئيس وزراء فرنسا آنذاك دي بولينياك يبشره بقبول محمد علي الفكرة ويمتدح الجيش المصري الذي كان قد تمكن من إخضاع السودان والحجاز.
قَبِل دو بولينياك الإقتراح لكنه رأى أن يخبر الباب العالي أولا، فأرسلت الخارجية الفرنسية مذكرة إلى سفيرها في الأستانة ليفاتح العثمانيين بالأمر، فكان مما جاء فيها :
"إن داي الجزائر أهان الملك، فاعتزم الملك أن يثأر لشرفه. وليس في نية جلالته أن يطلع الباب العالي على الوسائل التي سيلجأ إليها، بل يكتفي بأن يقول أن واجبه يقضي بأن يصون رعاياه (الفرنسيين) عن الأخطار التي تهددهم في هذا الجزء من الإمبراطورية، ويضمن لهم الأمن. ولكنه رغبة في المحافظة على الصداقة القديمة القائمة بين فرنسا وتركيا.. يود لو أن السلطان يقوم بنفسه، وبوسائله الخاصة، بتأديب عامل لا شك أنه لا يرضى قط بمروقه عن الأدب واللياقة. وإذا شاء السلطان أن يؤدب هذا العامل المارق، فإن له في القوة العسكرية التي يمتلكها باشا مصر ما يضمن تنفيذ إرادته. ووضع هذه المهمة في عنق محمد علي تُبعِد به جيشه عن بلاد عربية (الشام) ما انفك يفكر في بسط سيادته عليها. وما على السلطان إلا أن يُصدر فرمانا يأمر محمد علي بالإستيلاء على الإيالات الثلاث : طرابلس وتونس والجزائر وإقامة حكم جديد فيها يضمن الأمن والإستقرار".
وفي نفس الوقت أخذ دي بولينياك يفاوض من خلال قنصله في مصر، محمد علي بشأن الحملة العسكرية، ووضع اتفاق يتعهد فيه بأن يقوم بالحملة بنفسه وبجنوده، على أن تقدم له فرنسا قرضا قيمته عشرة ملايين فرنك تُدفع مقسطة خلال الحملة، على أن يعيد تسديده في عشر سنوات، كما تقوم فرنسا بتشديد الحصار البحري على الإيالات الثلاث خلال الحملة.
وقد قبل محمد علي هته الشروط، لكنه طلب أن تزوده فرنسا مجّانا بأربع سفن حربية كبيرة مجهزة بأربعين مدفعا لكل منها، وأن تقرضه واحدا وعشرين مليون فرنك يسددها في أربع سنوات ابتداء من أول يوم يحتل فيه الجزائر. وأن تتعهد فرنسا بتقديم الضباط والخبراء في المدفعية والهندسة والسلاح والعتاد لابنه إبراهيم باشا إذا احتاج لذلك والذي سيقود الحملة، وأن يتعهد ملك فرنسا بحل كل خلاف ينشأ بين محمد علي وبين الدول الأخرى، وبحماية مصر من كل اعتداء محتمل عليها.
وفي مقابل ذلك يتعهد محمد علي بأن يقيم في إفريقيا الشمالية حكومة تمنح امتيازات اقتصادية لفرنسا، وأن يقضي على "القراصنة"، وأن يدفع لخزانة السلطان ما يدفعه لها عن مصر. وقد وافقت كل من روسيا وبروسيا على خطة فرنسا بينما أبدت النمسا بعض التحفظات.
إلا أن فرنسا لم توافق على إمداد محمد علي بالسفن التي طلبها، كما حذرت بريطانيا الدولة العثمانية من خطورة الحملة وطموحات محمد علي التوسعية، فرفض السلطان محمود الثاني الموافقة على المقترح الفرنسي، واكتفى بأن وعد بإرسال طاهر باشا إلى الجزائر لحمل الداي على الإعتذار، فهدد السفير الفرنسي بأن تقوم فرنسا بالحملة وحدها.
فعند ذلك اتخذ مجلس الوزراء الفرنسي في 30 جانفي 1830م، قراره بأن تغزو فرنسا الجزائر بنفسها.
0 comments:
إرسال تعليق