الصناعة الفخارية بالجزائر تقلب النظريات القائمة


 


جزائر ما قبل التاريخ، الصناعة الفخارية بالجزائر أقدم من نظيرتها بالشرق الأوسط


يعتقد أهل الإختصاص أن الإنتقال من اقتصاد قائم على الصيد (العصر الحجري القديم) إلى اقتصاد قائم على الإنتاج (العصر الحجري الحديث) قد تم بالشرق الأدنى ثم انتقل غربا.  لكن الإكتشافات الحفرية التي اكتنفت معظم المناطق الجبلية بالصحراء الوسطى كالتاسيلي بالجزائر، تؤكد على أن الإنتقال إنما تم بحركة عكسية كان مركزها جبال الصحراء الوسطى ثم وجد طريقه نحو الشرق كالنيل ووادي الرافدين.

فإلى جانب الزراعة، أماطت الإكتشافات الغبار عن صناعة فخارية متطورة (الصُوَر) قائمة على الطين المُوقَد والفخار وإنتاج شتى الأواني للإستعمال المنزلي مثل الطهي وتسخين الماء والسوائل الأخرى.  وحسب معطيات التأريخ، فإن هته النشاطات الإقتصادية تعود إلى أكثر من 11 ألف سنة، أي أنها سبقت التواريخ المتعارف عليها سابقا بأكثر من ثلاثة آلاف سنة على الأقل.


بوابة الجزائر، 24 أبريل 2021م

الحدود الجغرافية للمغرِبَيْن الأوسط والأقصى حسب الرحالة والجغرافيين المسلمين



 

المغرب الأوسط والمغرب الأقصى

 

عند نهاية القرن الثالث الهجري تميزت بلاد المغرب بوجود جهتين هما:

-         الجهة الإفريقية وقاعدتها القيروان.

-         الجهة المغربية الممتدة من غرب إفريقية إلى البحر المحيط.

   

وهذا ما أشار إليه أبو العبّاس اليعقوبي الذي أطلق على الجهة الثانية الغربية اسم المغرب دون إضـافة أو تمييز. ويستمر نفس المفهوم لدى جغرافيي القرن الرابع الهجري كالإصطخري وابن حوقل والمقدسي، أي إطلاق التسمية الإعتبارية العامة وهي البلاد الغربية على كل ما يلي إفريقية غربا.

وابتداء من القرن الخامس الهجري يظهر التمييز بين قسمين من الجهة الغربية أو المغرب الحقيقي، وهما المغرب الأوسط والمغرب الأقصى، وشاع استخدامهما طوال فترات العصر الوسيط. وأول هذا التمييز نجده عند الجغرافي البكري في القرن الخامس الهجري خلال وصفه لمدينة تلمسان بقوله: "وهذه المدينة تلمسان قاعدة المغرب الأوسط ... وهي دار مملكة زناتة وموسطة قبائل البربر". وفي القرن السادس الهجري يذكر الإدريسي أن بجاية "هي مدينة المغرب الأوسط وعين بلاد بني حماد ... وأهلها يجالسون تجار بلاد المغرب الأقصى وتجار الصحراء". وفي نفس القرن يعطينا صاحب الإستبصار وصفا مدققا لمدن كل من المغربين الأوسط والأقصى، ليصبح بذلك هذان المصطلحان شائعي الإستخدام لدى جمهور الجغرافيين والمؤرخين العرب.

 

وادي ملوية، الحد الفاصل

أما خط التقسيم بين المغربين فهو وادي ملوية مع جبال تازا، وهو ما قرره صاحب الاستبصار قائلا: "وقد ذكرنا أن آخر بلاد المغرب الأوسط وأول بلاد المغرب بلاد تازا، وهي جبال عظيمة حصينة". وحدده بدقة أيضا ابن خلدون، ونص كلامه هو: "وأما نهر ملوية آخر المغرب الأقصى فهو نهر عظيم منبعه من فوهة في جبال قبلة تازي ويصب في البحر الروماني عند غساسة، وعليه كانت ديار مكناسة المعروفة بهم في القديم".

ويعتبر هذا الوادي الفاصل بين المغربين من الأنهار الكبرى ببلاد المغرب لما عليه من نظر واسع وقرى كثيرة وعمائر متصلة، وهي كلها تسقى منه، وهو يصب على بعد عشرة أميال شرق مدينة مليلة في البحر الرومي (المتوسط). ومن روافده نهر زيز ونهر سجلماسة. واستمر هذا الوادي حدا فاصلا بين المغربين حتى عند الجغرافيين المتأخرين كليون الأفريقي (تـ 957هـ) الذي جعله نهاية لمملكة فاس شرقا ونهاية لمملكة تلمسان غربا. وكذلك لدى المتأخرين من المؤرخين كالناصري الذي يرى أن الحد الشرقي للمغرب الأقصى هو وادي ملوية مع جبال تازا.

وتقع هذه الحدود بين المغربين والمفصولة بوادي ملوية ضمن الواجهة الشمالية، وقد أوصلها جنوبا صاحب الإستبصار إلى مدينة تيزيل وهي مدينة في أول الصحراء وعلى الطريق إلى سجلماسة، وهذا بالنسبة للمغرب الأوسط، أما بالنسبة للمغرب الأقصى فإلى بلاد ملوية وأحوازها أي أول بلاد سجلماسة إلى الصحراء، وبعد ذلك لا نجد حدودا ولا فواصل في الصحراء بين المغربين.

يشترك المغربان الأوسط والأقصى في حدوديهما الأفقية الشمالية والجنوبية أي البحرية الرومية (المتوسطية) والرملية الصحراوية، كما يشتركان في حدهما العمودي وهو نهر ملوية الذي يمثل نهاية المغرب الأوسط غربا وبداية المغرب الأقصى شرقا.

أما ابن خلدون فيرى أن "المغرب الأوسط هو في الأغلب ديار زناتة ... وقاعدته لهذا العهد تلمسان وهي دار ملكه ويجاوره من جهة المشرق بلاد صنهاجة من الجزائر ومتيجة والمدية وما يليها إلى بجاية". وهذا ما يذهب إليه التنسي أثناء حديثه عن دولة السليمانيين أبناء عمومة أدارسة فاس حين استدعى محمد بن سليمان ابن عمه إدريس الثاني ليستعين به على البلاد المشرقية وفي ذلك يقول: "وقدم إلى بلاده وترك المغرب الأوسط بيد ابن عمه". وهو ما يؤكده أيضا صاحب الثغر الجماني بقوله: "والمغرب الأوسط حدّه من وادي ملوية إلى بجاية".

في حين يرى المراكشي أن مدينة قسنطينة هي آخر بلاد إفريقية وما وراءها هو البداية الحقيقية للمغرب و"أول ذلك بليدة صغيرة قبلي -جنوب- بجاية في البر تسمى ميله بينها وبين بجاية ثلاث مراحل ومن بجاية إلى قلعة بني حماد أربع مراحل وهي أيضا قبلي بجاية".

ولعل السبب في وقوف حدود المغرب الأوسط عند هذا الحد هو أن هذه البلاد الممتدة من أحواز بجاية وما وراء مجرى نهر الشلف شرقا إلى وادي ملوية غربا، ظهرت منذ أيام الفتح الأول على شكل قسم إداري وعمل قائم بذاته، وهو الأمر الذي يثبته الدكتور حسين مؤنس بقوله: "ومعنى ذلك أن المغرب الأوسط في حدوده التي وضعها العرب أي ما بين نهري شلف ومولوية تقريبا، كان منذ الفتح العربي وحدة إدارية وسياسية".

إن المغرب الأوسط بهذه الصورة هو ما يقابل وسط وغرب بلاد الجزائر تقريبا في وقتنا الحاضر، وكان يتألف عند الجغرافيين العرب سيما في القرون الهجرية الأولى من إقليمين، تيهرت في الشرق وتلمسان في الغرب.

والمغرب الأقصى وهو ما يقابل المملكة المغربية اليوم، كان هو الآخر يتألف من إقليمين، الأول في الشمال و كان يعرف بإقليم طنجة ومن مدنه فاس حاضرة المغرب وسلا وسبتة وتازا ومراكش وغيرها، ويفصل بينه وبين الإقليم الثاني المعروف ببلاد السوس الأقصى وادي تانسيفت. وعن هذا الإقليم الثاني يحدثنا المراكشي قائلا: "فمراكش هذه آخر المدن الكبار بالمغرب المشهورة به وليس وراءها مدينة لها ذكر وفيها حضارة، إلا بليدات صغار بسوس الأقصى فمنها تارودنت وزجندر والكست ونول لمطة". 


دور طائفة اليهود في احتلال الجزائر

 




في سنة 1786م، أسس اليهود نافتالي بوجناح أو بوشناق، ويوسف بكري وأخوه يعقوب شركة تجارية في الجزائر في عهد صالح باي. ولد هؤلاء الثلاثة في الجزائر لكن أصولهم تعود إلى ليفورن الايطالية.

كان عمل الشركة يقوم على أساس الوسيط بين الأهالي والشركة المَلَكِية الفرنسية. ففي سنة 1790 أنشأت الشركة اليهودية وكالة لها في عنابة وأخذ نشاطها يتطور إلى مناطق الشرق الجزائري والى تونس إلى أن احتكرت عملية شراء المحاصيل من السكان.

وفي سنة 1792م، أعلنت فرنسا عن قيام الجمهورية بعد إعدام الملك لويس الرابع عشر، وفي خضم تلك الإضطرابات لجأت الحكومة الجديدة إلى شراء كميات كبيرة من القمح لمواجهة الندرة التي اكتسحت فرنسا، لكن الشركة الملكية الإفريقية التي هي من الشركات الفرنسية الكبرى في الجزائر عجزت عن تزويد فرنسا بما تحتاج إليه من مواد غذائية. 

ألغيت الشركة الملكية الإفريقية في سنة 1794 عقب القرار الذي اتخذه مجلس الأمن العام، واستُبدلت بالوكالة الإفريقية وأصبحت هذه الأخيرة مدعمة من طرف الشركة اليهودية التي رخصت لها الحكومة الفرنسية إقامة وكالة لها في العاصمة الفرنسية، فأصبح لهذه الشريحة من اليهود دور كبير في التجارة الداخلية والخارجية للجزائر، هذا بفضل شبكاتهم ومعرفتهم لغة وعادات الجزائريين إضافة إلى التقرب من حكام الايالة وربط مصالحم مع فرنسا، ما خول لهم التدخل في الشؤون السياسية الجزائرية.

عملت الحكومة الفرنسية على شراء كميات كبيرة من القمح في عهد حكومة الثورة الفرنسية والحملة الفرنسية على مصر حتى بلغت ديونها 24 مليون فرنك، حيث قامت فرنسا بتسديد النسبة الكبيرة من قيمة القمح إلى الشركة اليهودية والتي تواطأت مع فرنسا ضد حكومة الجزائر في مسألة تسديد الدين المستحق. 

     ظلت الديون الجزائرية على فرنسا معلقة منذ عهود الجمهورية الأولى والإمبراطورية الأولى وحروب فرنسا ضد التحالفات الأوروبية، وعند عودة ملكية البوربون إلى العرش صمم داي الجزائر على تصفية الديون واقترح على شارل تاليران إنهاء قضيتها فعمل على تقديم تقرير إلى الدوق ريشيليو عام 1818، وبعد العديد من المداولات والمشاورات بين أعضاء اللجنة تقرر الاعتراف بمبلغ 7 ملايين فرنك كحد أعلى لهذه الديون وهو أقل من نصف المبلغ الذي حدده الداي، ومع ذلك وافق ممثل الداي عليه. لكن الحكومة الفرنسية دفعت 4,5 مليون فرنك التي هي حصة الداي إلى موكليه من عائلة بكري، إلاّ أن عائلة بكري خدعوا الداي بعد أن قبضوا هذا المبلغ وقرروا عدم العودة إلى الجزائر، فتجنس بكري بالجنسية الفرنسية واستقر في باريس ورحل بوشناق إلى مدينة ليفورن الإيطالية واستقر بها.

 إتهم الداي القنصل دوفال بالتواطؤ مع هذين اليهوديين، كما اتهمه بحجز الرسائل التي يوجهها إليه مجلس الدولة الفرنسي وقام باعتقال أفراد عائلة بكري وسجنهم، وطلب من فرنسا تسليمه مبلغ 2,5 مليون فرنك الباقية على الخزينة الفرنسية. 

حادثة المروحة:

       وقعت حادثة المروحة الشهيرة يوم 29 أفريل 1827 بمناسبة عيد الفطر، حيث يتقدم القناصلة الأجانب بتهنئة الداي بالعيد وكان من بينهم القنصل الفرنسي دوفال.  اغتنم الداي المناسبة وطلب من القنصل الفرنسي تفسير سبب تأخر ردود فرنسا بخصوص ديون الجزائر عليها، فكان رد القنصل غامضاً ومهيناً، فأمره بالخروج من مجلسه وعندما أبى الخروج ضربه بالمروحة التي كانت بحوزته، وزاد على ذلك دوفال في تقريره بأنه ضربه 3 مرات لكن بعض الروايات تذهب إلى أن فعل الضرب لم يحدث بل وقع التهديد بالضرب فقط. 

         كان رد فعل فرنسا على هذا الصنيع المفتعل أن أرسلت قطعة من أسطولها تحت قيادة القبطان كولي ،collet صعد القنصل دوفال إلى هذه السفينة وطلبوا من داي الجزائر القدوم شخصياً إلى السفينة وتقديم اعتذار للقنصل مدركين أن الداي لن يقبل بهذه السخافات فأضافوا شروطا أخرى منها:

  • أن يستقبل الداي القبطان ورئيس أركانه والقنصل بمحضر الديوان والقناصل الأجانب ويعتذر أمامهم لدوفال.
  • أن يرسل بعثة برئاسة وكيل الخرج (وزير البحرية) إلى قطعة القنصل الفرنسي ليعتذر باسم الداي إلى القنصل، وفي جميع الحالات يرفع العلم الفرنسي في جميع القلاع الجزائرية وتطلق مائة طلقة مدفعية تحية للقنصل.

 

وعندما انقضى أجل الإنذار بدون رد، أعلن كولي الحصار في 16 جويلية  1827م، أما الداي فقد أمر من جهته باي قسنطينة بالاستيلاء على المنشآت الفرنسية الواقعة في إقليمه، وقد أنذر الضابط الفرنسي الداي بأن عدم الاستجابة لهذه المطالب في ظرف 24 ساعة يعني إعلان الحرب على الجزائر، وبالفعل رفض داي الجزائر هذه الشروط المجحفة والمهينة فتم إعلان فرنسا الحرب على الجزائر.

 

 



إكتشاف نقود إسلامية في أمريكا، ما قصتها؟

 



عثر جيم بايلي، وهو مواطن أمريكي من ولاية رود آيلند، على قطع نقدية إسلامية صُكّت في اليمن في القرن السابع عشر مغمورة تحت الأرض بينما كان يمسح سطح بستان بمستشعر المعادن في مدينة ميدلتاون.  أكدت تحريات الخبراء الأولية أن القطع النقدية تلك صُكت باليمن في عام 1693م، فكيف وصلت إذا إلى أمريكا وماهي قصتها؟

القرصنة

يعتقد الخبراء أن هذا الإكتشاف قد يحل لغزا إستعصى على المحققين لقرون كان بطله أكبر مجرم مفلت من العدالة وأثرى قرصان عرفه التاريخ وهو الإنجليزي هنري إيفري.  فما قصة ثراء هذا القرصان وأي جُرم اغتنى به؟

قتل الحجاج والإستيلاء على أملاكهم

تعود وقائع الأحداث إلى نهاية القرن السابع عشر، وبالضبط إلى السابع من سبتمبر سنة 1695م، حيث هاجم القراصنة الإنجليز بقيادة هنري إفري سفينة حُجّاج كانت عائدة من مكة المكرمة إلى الهند وهي مملوكة لإمبراطور الهند آنذاك المسلم محي الدين محمد، وكانت محملة بالمعادن النفيسة كالذهب والفضة والنقود تبلغ قيمتها ملايين الدولارات بتقديرات اليوم.

تروي الوقائع التاريخية أن القراصنة الإنجليز عذبوا وقتلوا الحجيج واغتصبوا النساء واستولوا على ما في السفينة من نفائس ثم فروا نحو جزر الباهاماس.

وعلى الرغم من أن ملك بريطانيا وِليَم الثالث أمر بالقبض على القراصنة وعلى رأسهم هنري إفري إثر ضغوط كبيرة من امبراطور الهند، إلا أن مكان وجودهم ظل لغزا عند رجال القانون والمؤرخين المهتمين عدا زيارة إفري إيرلندا سنة 1696م.  ولكن بفضل الإكتشاف الأخير يُعتقد اليوم أن هنري إفري وقراصنته قضوا زمنا بالمستعمرات الأمريكية حيث استعملوا نقود الغنيمة تلك في سد نفقاتهم اليومية في ما يُشبه عمليات تبييض الأموال.

نقود إسلامية في ولايات أمريكية أخرى

ومنذ الإكتشاف الأول المذكور، تمكن هواة تنقيب أمريكيون من اكتشاف 16 قطعة نقدية مماثلة في ولايات أخرى، عشرة منها في ماستشيوسيت، إثنين في كوناكتيكت وثلاثة أخرى في رود آيلند، كما عُثر على أخرى في ولاية كارولينا الشمالية حيث رسى قراصنة هنري إفري عند أول نزول لهم بأمريكا بعد واقعة الحجيج.  كما يُعتقد أن بعض قراصنة إفري استقروا بإنكلترا الجديدة واندمجوا مع السكان.


بوابة الجزائر
03 ابريل 2021


الجزائر مهد الحضارات : الحضارة الأُلدواينية

 




الحضارة الأُلدواينية بالجزائر :

قبل مليوني ونصف المليون عام، إنتشرت بالجنوب الجزائري صناعة حجرية واسعة تعتمد على تشظية الحصى والحجارة لصنع أدوات الجزر والقطع.  وتُعرف هذه الحضارة عند علماء الأناسة بالحضارة الأُلدواينية كما تُعتبر مهدَ الحضارة الإنسانية.

يُعد موقع "برج تِن كنا" بالقرب من إليزي من أشهر المواقع بالجزائر التي ظهرت فيها أولى تلك الثقافات.  فقد ساعدت وفرة المياه آنذاك الإنسانَ الأول على الإستقرار بحذاء الأودية التي كانت تجرى بكثرة في منطقة التاسيلي قبل مرحلة الجفاف والتصحر.