728x90 AdSpace

  • أحدث المواضيع

    من جذور الجزائر التاريخية : دولة بني حماد

     

    دولة بني حمَّاد


    دولة بني حماد 


    أسس حماد بن بلقين الدولة الحمادية عندما أعلن قطع الولاء عن الفاطميين فى عام 405ه (1014م)‏ ، وامتدت الدولة الحمّادية غريا الى فاس، وشرقا الى تونس نفسها والقيروان وصفاقس والجريد، أما جنوبا فشملت الزاب ووادي ريغ وورجلان، وكانت عاصمتها الأولى أشير الواقعة بولاية المدية اليوم.

    وتعتبر الدولة الحمادية ثالث دولة إسلامية تقوم بالجزائر بعد الدولتين الرستمية والفاطمية. وكانت مستقلة استقلالا تاما عن الخلافة المركزية بالمشرق والأندلس، غير أن ملوكها ظلوا مرتبطين بالولاء الإسمي للخلافة الفاطمية أو العباسية حسب الظروف.

    ويتلقتب رئيس الحكومة بالامير او الملك  والطابع الغالب على تنظيم الدولة الحمادية هو الطابع الحربى نظرا لما كان يحيط بها من اخطار دائبة. 

    الحضارة والعمران :

    عنى الحماديون عناية محمودة بالأنشطة الإقتصادية، فنشطت الفلاحة في عصرهم، فكثرت المزارع والأسواق وتعددت الحِرَف والصنائع.  وما زاد فى ازدهار المملكة الحمادية نزوح الناس إليها كما فعل مسلمو صقلية وقد ساعد هذا النزوح النشاط العمراني ونشوء حضارة من أرقى الحضارات قال عنها المؤرخ الفرنسي "جورج مارسي" : «حوالى سنة 405ه (1065م) صارت القلعة مدينة تجارية عظيمة وارفة الخيرات، قصدها أرباب الصنائع من المشرق  وافريقيا، ويبدو أن صناعة الفخار بلغت حينذاك بها مبلغا عظيما . وآثار الحضارة الحمادية لا نظير لها ببقية وطن البربر.  وقد كان النورمان مغرمين بالحضارة الحمادية، فأقاموا قصور بلوم (بصقلية) على شكل قصور بجاية» 

    وقد أنشا الحماديون القصور الفخمة فى مختلف المدن، كما أسسوا المساجد ورفعوا المنائر، وبنوا الجسور وأسسسوا المدينتين العظيمتين : 

    القلعة التى اشتهرت بقلعة بني حمادبني،  وبجاية التى أقاموها على أنقاض صلداي. وقد اختار الحماديون موقع القلعة على مقربة من مدينة المسيلة التى كانت مركزا تجاربا هاما تلتقى عنده القوافل الآتية من افريقيا السوداء 

    والذاهبة فى اتجاه تلمسان وتنس وتيهرت والقيروان . وتعتبر مدينة بجاية الميناء الطبيعى للقلعة . وقد تطور العمران تطورا كبيرا فى القلعة التى اشتهرت بمنسوجاتها الرفيعة وتطور العمران بعدة مدن هامة تابعة للدولة الحمادية مثل بسكرة والمسيلة وسطيف وقسنطينة وبجاية ومدينة الجزائر ومليانة والمدية.

    وفى بداية القرن الثانى عشر الميلادى انتقلت عاصمة المملكة الحمادية من القلعة الى بجاية التى أصبحت حينذاك أهم مدينة فى الشمال الإفريقى كما سجل ذلك الإدريسى . ويرجع تطور مدينة بجاية الى موقعها على البحر  من جهة؛ وإلى العلاقات التجارية التى كانت تربط بينها وبين أوروبا كما يدل على ذلك إطلاق كلمة “بوجي” بالفرنسية على الشمع الذى كان يستعمل فى وسائل الإضاءة وهو مستخدم من المواد الدهنية المستوردة من وادي الصومام . كما عرف الحماديون كيف يستغلون مناجم الحديد على نطاق واسع وقد ظهر فى العصر الحمادي العلماء والشعراء والكتاب ظهورا لا عهد للجزائر به من قبل . 

    ضعف الدولة 

    لكن هذه الدولة القوية تسربت إليها عوامل الضعف بعد حوالى قرن وربع قرن بحيث عجزت عن مقاومة تيار الحركة المرابطية وقد حاول غير واحد من المؤرخين الغربيين أن يُرجع هذا الضعف إلى حملة  الهلاليين، وضخموا نتائج هذه الحملة تضخيما لا يتناسسب مع الواقع. 

    ولهذا يجب البحث عن أسباب أخرى لضعف الدولة الحمادية، تتمثل أولا فى ظهور الدولة المرابطية التى استولت فى غانا على منابع الذهب؛ ثم سيطرت على طرقه، فحرمت المدن الحمادية من مورد من أهم مواردها وأنشطتها الإقتصادية، كما يجب تسجيل الدور الذى لعبته حملات القراصنة المسيحيين فى تدهور موانئ هامة مثل عنابة وجيجل والقل وشرشال وتنس التى تأثرت كثيرا من الحملات الصليبية.

    تلك هى العوامل الأساسية التي أثرت على الدولة الحمادية وأضعفتها.

    الحياة الأدبية بالجزائر على عهد الحماديين

    إن عصر الحماديين كان عصر إنشاء وترقية فى جميع مظاهر الحضارة ومنها الآداب والعلوم . ذلك أن ملوكها البارزين من أمثال حماد (387 ء‏ 419 ه) والناصر (454 ‏ء 481 ه) والمنصور ( ء 481498 ه) ، كانوا يغدقون العطاء للعلماء والأدباء فأقبلوا اليهم من كل جهة.  فازدهرت بذلك الحركة العلمية وانتعشت الثقافة بين جميع الأوساط المختلفة حتى كان العمي ينالون حظهم منها، وقد يصل الطموح ببعض الموهوبين منهم إلى أن يصلوا إلى مرتبة الأستاذية والإقراء بمختلف الجالس العلمية، وهذه الدرجة لا تظهر فى وسط إلا إذا كان أهله بتمتعون بمستوى ثقافى رفيع؛ كما ذكر ذلك ياقوت الحموي . 

    وأشهر من نبغ فى هذا العهد ببجاية وغيرها من الحواضر العلمية الجزائرية :‏

    - ابن حمديس الصقلي. 

    - محمد بن حماد الذى ينتسب إلى الأسرة المالكة وكان عالما وشاعرا وكانت أكثر قصائده فى وصف عمران الحماديين ببجاية والإشادة بأطلال قصورهم ومآثر عهدهم : ومن ذلك قوله يتحدث عن القصور الدا ثرة : 

    اين المعروسان لا رسم ولا طلل؟   فانظر ترى ليس الا السهل والجبل 

    وقصر “بلارة” أودى الزمان به   فاين ما شاد من السادة الأول 

    ومن قصائده أيضا قوله : 

    ألا ليت شعرى هل أبيتن ليلة    بوادى الجوى مابين نلك الجداول؟ 

    وهل أسمعن تلك الطيور عشية   تجاوب فى تلك الغصن البلابل؟ 

    ونبغ غير هذين الأديبين أعلام آخرون فى كل فن من أشهرهم : 

    - الفضل بن سلمة البجائي، (المتوفى سنة 319 ه).  كان فقيها محصلا، وله من الكتب مختصر المدونة والواضحة والموازية وكتاب جامع المسائل الموازية والمستخرجة وكلها فى الفقه المالكى . 

    - أبوبكر بن يحيى الوهرانى (المتوفى سنة 430 ه).  كان محدثا كبيرا، أخذ عنه جماعة كبيرة من العلماء. 

    - محمد بن حسين الطبنى (المتونى سنة 414 ه). كان أدييا وشاعرا . قال عنه ابن بشكوال أنه لم يصل إلى الأندلس أشعر منه ولم يصلنا من شعره إلا أبيات قليلة . 

    - أبو عمرون الوهراني (المتوفى بعد سنة 429 ه).  أخذ عن أعلام الفقه بالقيروان كمحمد بن أبى زيد صاحب الرسالة، وتضلع فى الرياضيات وكان بصيرا بالطب، ماهرا فى العلاج.  وسافر إلى الأندلس حوالى سنة  429 ه ومات بها بعد سنوات . 

    - أحمد الداودي التلمساني.  وأصله من المسيلة أو بسكرة. كان متضلعا فى العلوم القانونية، وترك من التآليف الكثير، منها : 

    كتاب الواعى فى الفقه -  ‏ شرح الموطأ - الإيضاح فى الرد على القدرية.  وكان من تلامذته محمد بن أبى زيد صاحب الرسالة . 

    - أبو القاسم يوسف البسكري (المتوفى سنة 465 ه). كان متخصصا في القراأت، وارتحل فى سبيل ذلك الى جميع البلدان الإسلامية إلى أن استقر أخيرا بمدرسة نيسابور مدرسا وتوفى بها (سنة 465 ه). وأشهر تآليفه كتاب الكامل فى القراءات . 

    إبن الرمامة (المتوفى 567 ه  .(هو أبو عبد الله محمد بن على، ولد بقلعة بني حماد سنة 478ه. وروى عن أبى الفضل النحوى التوزري وتفقه عليه وعلى أبى محمد المقرى ببجاية، وأخذ عن أبى إسحاق إبراهيم بن حماد وعن خاله أبي الحسنى بن محشوة بمدينة الجزائر وارتحل إلى الأندلس فلقى ابن رشد الفيلسوف وأخذ عنه ثم عاد الى المغرب واستوطن فاسا وتولى القضاء والتدريس بها إلى أن توفى سنة 567ه. وكان يميل إلى المذهب الشافعي وله من التآليف “تسهيل المطلب في تحصيل المذهب”‏ وكتاب “التبيين فى شرح التلقين” لعبد الوهاب البغدادى. 

    - أبو عبد الملك البونى (المتوفى حوالى 440 ه). كان فقيها محدثا أخذ بتونس عن علمائها ثم عاد الى بونة «عنابة » وأقرأ بها إلى أن توفي.

    - الحسن بن علي التيهرتى (المتوفي 501ه). كان لغويا نحويا أخذ عن شيوخ الأ ندلس بالقرن الرابع الهجرى ثم ارتحل الى المغرب الأقصى وأقام به إلى أن توفي، وكان من جملة طلبته هناك القاضى عياض الشهير وغيره. 

    - يوسف الورقلاني (500 -570 ه). كان متبحرا في شتى العلوم النقلية والعقلية، ولد بمدينة وارقلانحوالي سنة 500 وقرأ بها مبادئ العلوم، ثم ارتحل إلى قرطبة بالأندلس وأخذ عن علمائها وأدباثها، وكان لتبحره وإجادته الأدبية يشبه بالحافظ،  ثم عاد الى بلاده واعتكف فى منزله على التدوين حتى أخرج كتبا عديدة منها: 

     - تفسير القرآن

     - العدل والإنصاف فى أصول الفقه 

     - مروج الذهب في الفلسفة

     - الدليل لأهل العقول، وهو أشبه بدائرة معارف صغيرة، كما له غيرها من الكتب.  

    توفي ببلدته وارقلان (ورقلة حاليا) سنة 570ه.

    وكما نبغ هؤلاء الأعلام من المسلمين الحماديين، فقد نبغ أيضا طائفة من الوافدين الأجانب لطلب العلم والإستنارة بالثقافة الإسلامية والتضلع من علومها والأخذ عن أعلامها فى مختلف الفنون والمراكز التعليمية بالدولة، ومن أشهر من نبغ في هذا العهد : 

    - الاديب الكاتب « نسيم » 

    - ‏ الاديبه الكاتب « حناتيل » 

    - ‏ الاديب الكاتب إسحاق بن يعتوب 



    • Blogger Comments
    • Facebook Comments

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: من جذور الجزائر التاريخية : دولة بني حماد Rating: 5 Reviewed By: Algeria Gate